الكفاية في علم الدرايه - صفحه 358

وقد أفرد المحدّثون للمناولة والإجازة ألفاظاً صوناً من التدليس ، ففي المناولة المقرونة: «حدّثنا مناولة» أو «أخبرنا كذلك» ، فلم يجوّزوا الإطلاق ؛ دَفعاً لِلإبهام لشموله السماع والقراءة ، وهكذا في الإجازة ، وقيل : يجوز فيهما معاً الإطلاق ، وقيل : يعبّر في التحمّل بالإجازة ب«أخبرنا وحدّثنا مشافهة» إن كانت مشافهة ، وإلاّ فيقيّد الكتابة ، وفي الأخير إبهام ؛ للاشتراك بين كتابة الإجازة وكتابة الحديث ، وقيل: يعبّر في الإجازة شفاهاً بأنبأني ، وفي غير المشافهة بكَتَبَ إليّ فلان بكذا .

الرابع : الكتابة ؛

وهي أن يكتب الشيخ رواياته لغائبٍ أو حاضرٍ ؛ بخطّه أو خطّ من يكتب عنه ، على وجه يُعرف ذلك ويؤمَن من الكذب بشهادة القرائن ؛ أقويها أن يكتب الشيخ في آخره أو يعلّق عليه ما يدلّ على صحّة كونها منه ، وهذا على قسمين:
الأوّل : المقرونة بالإجازة ، وتجري مجرى المناولة المقرونة .
الثاني : الكتابة المجرّدة ، وقد خولف في جواز الرواية بمجرّد هذه . أكثر العلماء على جواز ما نظر إلى دلالة القرائن بالتجويز ؛ إذ الكتابة لشخصٍ معيَّن وإرساله إليه يدلاّن على ذلك ، والإخبار كالفتوى غير منحصر في التلفّظات ؛ ضرورة أنّ اعتبار الألفاظ من جهة المرآتية المحضة ، فالمدار على المنكشف دون الكاشف . وما يتراءى من موضوعية الألفاظ في مثل النكاح والبيوع وما يُضاهيها ـ على تأمّلٍ في بعضها ـ إنّما هو لأمر آخر اقتضته قواعد السياسات الكُلّية والتنظيمات العدلية العموميّة ، وما استدلّ به المخالف من أنّ الإجازة إخبار أو إذن ـ وكلاهما لفظيّان ـ وأنّ الخطوط تشتبه فلا يعتمد عليها ، ضعيف ؛ إذ الفقرة الاُولى مصادرة، وأيّ مصادرة ! والثانيةُ خارجة عن محلّ الكلام ؛ إذ المفروض معرفة الخطّ بالعلم أو ما ينتهي إليه كالبيّنة ، وتخصيص بعضهم المعرفة بالبيّنة دون العلم فاسدٌ ؛ إذ لا طريق أقوى منه، بل لا طريق سواه ، وسائر الطرق منزّل منزلته ، أو راجعٌ إليه بالدعوى ، أو

صفحه از 400