الكفاية في علم الدرايه - صفحه 359

جعلٌ لموضوعه بإلقاء الاحتمال المخالف والمكاتبة . قيل : «أنزل من السماع نوعاً لا شخصاً» وفيه كلام .
وفي أقاصيص المناظرات أنّ محمد بن إدريس الشافعي ناظره إسحاق بن راهويه في جلود الميتات إذا دُبِغَت ، فادّعى الشافعي أنّ دباغها طهورها ، فسأله إسحاق عن الحجّة ، فقال : حديث ابن عبّاس عن ميمونة: هلاّ انتفعتم بجلدها؟ يعني الشاة بجلدها الميتة ، فقال إسحاق : حديث ابن حكيم؛ كتب إلينا النبيّ صلى الله عليه و آلهقبل موته بشهر : «لاتنتفعوا من الميتة بإهابٍ ولا عصب» أشبه أن يكون ناسخاً له ؛ لأنّه قبل موته بشهر . فقال الشافعي : هذا كتاب ، وذاك سماع ، فقال إسحاق : «إنّ النبيّ صلى الله عليه و آلهكتب إلى كسرى وقيصر ، وكان حجّةً عليهم» فسكت الشافعي. ۱
وكيف كان ، العبارة في المكاتبة: «كتب إليّ فلان» و «حدّثنا مكاتبةً» وكذا «أخبرنا» . ومنهم من جوّز الإطلاق واستدلّ بإطلاق اللغويين الإخبار على الأعمّ من اللفظ ، كما قيل : «تُخبرني حالُ زيد» وفي الشعر : «تخبرني العيانُ ما القلب كاتم» ۲ و هو استدلال ناش عن قصور القوّة ؛ لأنّ هذه استعارة كما في: «نطقت الحال» ومطلق الإطلاق غير منكور ، وإنّما الكلام في الحقيقة و المجاز الشائع ، وللعرب بل كلّ القبائل من العجم أيضاً تصرّفات في الكلام وتنزيلات ، والعجب من بعض مشاهير الأصحاب وحذّاق الأئمّة تقرير هذه الحجّة ، وما هو إلاّ أمر عجيب !

الخامس : الإعلام ؛

وهو عبارة عن إعلام الشيخ أنّ هذا كتابه أو روايته أو سماعه، مقتصراً عليه ، واختلف في جواز الرواية به . قيل : يجوز له؛ تنزيلاً له منزلة القرائة على الشيخ ؛ لأنّه إذا قرأ عليه حديثاً وأقرّ بأنّه روايته عن فلانٍ جاز له الرواية عنه ، ولأنّه كشهادة

1.الدراية ، ص ۱۰۵ و ۱۰۶؛ الرعاية ، ص ۲۹۰؛ والإهاب: الجلد .

صفحه از 400