الفرع ، ولأنّه كمن سمع أحداً يقرأ بشيءٍ، فله الإخبار عنه والشهادة عليه ، ولأنّه يشعر بإجازته كما في الكتابة . وقيل بالمنع؛ لأنّه لم يُجِزه فروايته عنه كذب ، ولأنّ الشاهد إذا ذَكر في غير مجلس القضاء شهادته فليس لمن سمعه أن يشهد على شهادته ؛ إذ لم يأذن له ولم يُشهِده على شهادته ، والأوّل أصحّ القولين ، وثانيهما سخيف كأدلّته ، وقياس التحمّل بمقام الحجّة خطأٌ.
السادس : الوصيّة ؛
وهي ما أوصى عند موته أو سفره بكتابٍ له يرويه ، كما أوصى سليمُ بن قيس الهلالي بكتابه المشهور إلى أبان ؛ والوجه عندي وفاقاً لجملة من الأعيان عدم جواز الرواية عنه إلاّ على نحو الوِجادة ، حتّى أنّ قائلاً قال : «إنّ القول بالجواز مزلّة عن العالم، أو مبنيّ على التأويل بإرادة الوجادة» ، وهو مبنيّ على المبالغة وشدّة الاستنكار؛ لوجود القائل لا على نحو الوجادة ، واستدلّوا بأنّ في دفع الكتاب إشعاراً بالإذن ومشابهةً بالمناولة . وكان في السلف من يقول بهذه المقالة ، كما روي عن حمّاد بن يزيد ، عن أيّوب السجستاني ، قال : قلت لمحمد بن سيرين : إنّ فلاناً أوصى لي بكتبه؛ أفاُحدّث عنه؟ قال : نعم . قال حمّاد : كان أبو قلابة يقول : ادفعوا كتبي إلى أيّوب إن كان حيّاً ، وإلاّ فأحرِقوها! ۱
السابع : الوجادة ؛
وهي مصدر جعلي ولّده العلماء ؛ لأنّ مَن يوثَق بعربيته لم يسمع منه تلك اللفظة ، وعنوا بها المأخوذ من صحائف العلم من دون سماع ولا إجازةٍ ولا مناولة ، والوجه في التوليد أنّهم لمّا رأوا العرب يفرق بين مصادر «و - ج - د» في المعاني ، ويميّزون بينها بها ، ويقولون في الضالّة الموجودة : «وجدها وِجداناً وإجداناً» بكسر الواو والهمزة، وفي الغضب: «جِدة وموجدة» كما في كتاب
1.الرعاية ، ص ۲۹۶؛ الدراية ص ۱۰۷ و أبو قلابة: هو عبد اللّه بن يزيد الجرمي بصريٌّ .