الكفاية في علم الدرايه - صفحه 362

الإنكار ، ولم ير منه ذلك ، فصار إجماعاً منهم لايخالف فيه منهم اثنان . هذا ما خطر بالبال أوّلاً ، وترجَّح في النظر ، لكن دعوى الإجماع من الأساطين الأعلام يوجب التردّد ، بل المصيرَ إلى العدم ، لضعف ما رسّمناه سابقاً.
قال علم الهدى في الموصليات طاعناً على أصحاب الحديث في جملة كلامٍ له ما لفظه : ومَن أشرنا إليه بهذه الغفلة يحتجّ بالخبر الذي ما رواه ولا حدّث به ولمّا سمعه من ناقله فيعرفَه ۱ بعدالته أو غيرها ، حتّى لو قيل له في بعض الأحكام : «من أين أثبتّه وذهبت إليه؟» كان جوابه : «لأنّي وجدتُه في كتاب الفلاني ومنسوباً إلى رواية فلان بن فلان» ومعلوم عند كلّ مَن نفى العلم بأخبار الآحاد ومن أثبتها وعمل بها ، أنّ هذا ليس بشيءٍ يُعتمد ولاطريق يقصد ، وإنّما هو غرور وزور ۲ ، انتهى.
وقال ابن إدريس في «كتاب القضاء» من السرائر في ردّ العمل بالمكاتبة ما لفظه : «أوّل ما أقول في هذا الحديث أنّه خبر واحدٍ لايوجب علماً ولاعملاً ، وفيه ما يضعّفه ، وهو أنّ الكاتب الراوي للحديث ما سمع الإمام يقول هذا ، ولا شهد عنده شهود أنّه قال وأفتى به ، ولا يجوز أن يرجع إلى ما يوجد في الكتب ؛ فقد يتزوّر على الخطوط ، ولا يجوز للمستفتي أن يرجع إلاّ إلى قول المفتي دون ما يجده بخطّه ، بغير خلافٍ من ۳ محصّلٍ ضابط لأصول الفقه» ۴ انتهى .

1.البحث المشار إليه هو بحث تقرير دليل الانسداد في مثل هذه الموضوعات ، ولابدّ لمن يقرّر إثباتُ الملزوم أوّلاً ، ثمّ عدم المندوحة ، ثمّ عدم الكفاية ، ثمّ كونه محذوراً؛ لجواز عدم التعرّض عن رأي . وفي كلٍّ من هذه المقدمات المشار إليها أبحاث طويلة يعرفها كلّ ذي حظٍّ عظيم وذي ضرسٍ قاطع ، ولمّا كان الحجاج والخصام في تلك المقدّمات ممّا يطول أشرنا اليه جملةً لثبوت الهمّة على طلبه من مظانّه الذي أفردتُ لذلك ومثله . منه.

2.هذه العبارة تحتمل أن تكون في الموصليات الأولى، ولم تطبع حتّى الآن .

3.لفظ «من» ليس في السرائر.

4.السرائر ، باب القضاء ، ج ۲ ، ص ۱۸۷ .

صفحه از 400