الكفاية في علم الدرايه - صفحه 372

فقال : يا شيخ ، لايغتاب العلماء! فقال له : ويحك هذه نصيحة؛ ليست هذه غيبة!نعم ، الرؤية والنظر واجبان؛ لئلاّ يقدح في بريّ أو يمدح مقدوحاً ، بل اللازم الاهتمام على حسب الوسع والطاقة وما ناله من النظر ؛ فإنّ العلماء على شؤون في ذلك كغيره من النظريات ، ولذا كثرت الاختلافات في الرجال ، وأتى كلُّ لاحق بما لم يستطعه الأوائل ، وأبان كلّ أحدٍ عن خطإ الآخر وإن كان الأقدمون أربط بهذا الأمر وأقوى في المسألة وأخبر بالنعوت والصفات ؛ لقرب الأزمنة ومكاثرة العلماء والباحثين .

المطلب الأوّل[ الإسلام ]

الإسلام شرط حين الرواية ، بالاتّفاق كما قيل ؛ لأنّ آية النبإ تدلّ على التثبّت في خبر غير المسلم بالأولوية ، ولأنّ عمومات حرمة العمل بالمظنّة لم يتطرّق إليها أيدي التخصيص في مثلها ، وفيه شيء سيمرّ عليك . وكذلك الصبيّ والمجنون؛ قيل لرفع القلم عنهم ؛ إذ لا جهة تردعهما عن الأكاذيب ، وهذا كما ترى استدلال موهون ؛ لعدم الملازمة بين رفع العقاب وعدم التحرّز ، مع أنّه قد يوجد صبيّ لا يكذب ، فيعمّه قولهم ، ودليلهم لاتنهض ، فالأولى أن يقال : «الأدلّة الأربعة حاكمة على عدم جواز العمل بالظنون؛ قام الدليل على بعضها وبقي الباقي» أو يقال : إنّ حديث الرفع يدلّ على ارتفاع قلم الاعتبار عن جميع اُمورهم عند العقلاء ، فهو تأكيد لحكم العقل والعقلاء ، لا تأسيسٌ .
ويدلّ عليه ـ مضافاً إلى اُمورٍ تَقْرب ذلك ـ ما رواه في قرب الإسناد عن أبي البختري ، عن جعفر عليه السلام ، عن أبيه ، عن أمير المؤمنين ، أنّه عليه السلام كان يقول في المجنون والمعتوه الذي لايفيق والصبيّ الذي لم يبلغ : «عمدهما خطأ ، تحمله العاقلة ، وقد رُفع عنهما القلم» ۱ فإنّ قوله : «وقد رفع» إلخ واقع موقع التعليل ، فإذا

1.قرب الإسناد ، ص ۷۲ ؛ بحار الأنوار ، ج ۱۰۴ ، ص ۳۸۹ .

صفحه از 400