بأقوالهم يُعتمد ، وبأفعالهم يُؤخذ ، فهم أجلّ شأناً من ذلك وأعظمُ خطراً .
وكيف كان ، فهل تزكية العدل الواحد كافية أولا؛ قولان : المشهور نعم ، وذهب جماعة إلى الثاني . حجّة المشهور عموم آية النبإ ، وأنّ التزكية شرط للرواية فلا تزيد على مشروطها ، وقد اكتفي به فيها ، وأنّ العلم بالعدالة متعذّر في الأغلب فلا يناط به التكليف بل بالظنّ ، وهو يحصل به كما يحصل بغيره .
وردّ الأوّل بعد شموله لتلك الأخبار إن سلّمنا ، لكن فيها من المطالب الموجبة لعدم متمسكٍ بها ما تقصر عنه الرسالة ؛ والثاني بأنّ المشروط هو قبول الرواية ، والاكتفاء بالواحد فيه غير مسلّم ، والذّي يكفي فيه الواحد هو نفس الرواية ، والعدالة ليست شرطاً لها ، وثانياً ما الدليل على عدم زيادة الشرط على المشروط؟ فهو مجرّد دعوى لا بيّنة عليها .
قال في المنتقى :
وفي كلام بعض العامّة أنّ الاكتفاء في التزكية بالواحد هو مقتضى القياس ، والظاهر أنّ اُصولِي الخاصّة أخذوا هذه الدلالة منهم وأدرجوها في كتبهم من دون تفطّن ، مع أنّهم أنكروا القياس في الشريعة .
وثالثاً زيادة الشرط على مشروطه بهذا النحو واقعة في الشريعة ؛ أ لاترى أنّ أكثر شروط الأحكام الشرعيّة تقتصر في معرفتها على شهادة العدلين؟ مع أنّ الحكم عند العامل بخبر الواحد مثبت بخبر العدل.
هكذا ذكره في المنتقى ۱ وفيه بحث ؛ لأنّ الحكم الخبري ليس مشروطاً بتلك الشروط ؛ وإنّما الحكم الواقعي تعلّق بموضوع كلّى واقعي ، فمصداقية المصداق تحتاج إلى شهادة عدلين ، والرواية حاكية عن الحكم . مثلاً إذا دلّ خبر الواحد على وجوب الحدّ أو على المتوفّى عنها زوجها ، فثبوت الوفاة وإن توقّف على شهادة عدلين ، لكن الحكم المدلول عليه بخبر الواحد ليس مشروطاً بالثبوت ؛ لأنّه حكم
1.منتقى الجمّان ، ج ۱ ، ص ۱۶ و۱۷ .