وإنّ الملائكة تقومون على رأسه بيدَي كلّ ملك كأسٌ من ماء الكوثر وكأسٌ من الخمر ، تسقون [ روحه ] حتّى تذهب سكرته ومرارته ، وتبشّرونه بالبشارة العظمى ، وتقولون له : طبت وطاب مثواك ؛ إنّك تقدم ۱ على العزيز الكريم الحبيب القريب .
فتطير الروح من أيدي الملائكة فتصعد ۲ إلى اللّه في أسرع من طرفة عين ، ولا يبقى حجابٌ ولا سِترٌ بينها وبين اللّه عز و جل ، واللّه تعالى إليها مشتاق ، وتجلس إلى يمين العرش ۳ ، ثمّ يقال لها : أيّتها الروح كيف تركت الدنيا ؟ فتقول : إلهي وسيّدي ، سألتني عمّا لا أعلم ، وعزّتك وجلالك [ أنا ] منذ خلقتني إلى هذه الغاية فأنا خائف ۴ منك .
فيقول اللّه تعالى : صدقتَ يا عبدي ، كنتَ بجسدك في الدنيا وروحُك معي ؛ أعلم سرَّك وعلانيتَك ، سَلْ فاُعطِك ، وتَمَنَّ عَلَيّ فاُكرمك ، هذه جنّتي فتجنح فيها ، وهذا جواري فاسكنه ۵ .
قالت الروح : إلهي عرّفتني نفسك فاستغنيت بها عن جميع خلقك ، وعزّتك و /42/ جلالك لو كان رضاك في أن اُقطع إرباً إرباً أو اُقتل سبعين قَتْلَة بأشدّ ما يقتل به النّاس لكان رضاك أحبّ إليّ .
إلهي كيف أعجب بنفسي وأنا ذليل إن لم تكرمني ، وأنا مغلوبٌ إن لم تنصرني ، [ وأنا ضعيف إن لم تقوّني ] ، وأنا ميّت إن لم تحيني بذكرك ، ولولا سِترُك لافتضحت أوّل مرّة عصيتُك !
إلهي كيف لا أطلب رضاك وقد أكملتَ علَيّ عقلي حتّى عرفتك ، وعرفت الحقّ من الباطل ، والأمرَ من النهي ، والعلم من الجهل ، والنور من الظلمات !
فقال اللّه عز و جل : وعزّتي وجلالي لا أحجبُ بيني وبينك في وقت شئت ۶ [ من الأوقات ]وكذلك أفعل بأحبّائي ۷ .
1.الف : + تمرّ .
2.في النسختين : فتصل .
3.المصدر : تجلس على عين عند العرش .
4.المصدر : خائفة .
5.الف و ب : فاسكنها .
6.المصدر : ـ شئت .
7.إرشاد القلوب ، ج۱ ، ص۳۷۸ ـ ۳۷۹ ؛ بحار الأنوار ، ج۷۴ ، ص۲۷ ـ ۲۸ ؛ كلمة اللّه ، ص۳۷۵ ـ ۳۷۷ .