زبور العارفين - صفحه 171

فالمتّقون هم [ فيها ] أهل الفضلائل : منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، ومشيهم التواضع . غَضُّوا أبصارهم عمّا حرّم اللّه عليهم ، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع لهم ، نُزِّلت أنفسهم منهم في البلاء كالتي ۱ نُزِّلت في الرخاء . ولولا الأجل الذى كتب اللّه لهم ۲ لم يستقرَّ أرواحهم في أجسادهم طرفة عين ؛ شوقاً إلى الثواب وخوفاً من العقاب ، عظُمَ الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم ، فهم والجنّة كمن قد رآها ، فهم فيها متنعَّمون ۳ ، وهم والنّار كمن قد رآها فهم فيها مُعذَّبون ، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة ، وأجسادهم نحيفةٌ ، وحاجاتهم ۴ خفيفة ، وأنفسهم عفيفة ، [ صبروا أيّاما قصيرة أعقبتْهُم راحة طويلة ، تجارةٌ مربحة يسّرها لهم ربّهم ، أرادتهم الدنيا فلم يريدوها ، وأسرتهم ففدوا أنفسهم منها ] .
أمّا الليل فصافّون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرآن يُرتّلونه ترتيلا ، يحزِّنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، /65/ فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلَّعت نفوسهم إليها شوقاً ، فظنّوا ۵ وأكفّهم ورُكَبهم وأطراف أقدامهم ، يطلبون إلى اللّه [ تعالى ] في فكاك رقابهم .
وأمّا النّهار فحلماء ۶ علماء أبرار أتقياء ، قد بَراهم الخوف بَريَ القداح ، ينظر إليهم النّاظر فيحسبهم مرضى ، وما بالقوم [ من ] مرض ويقول : قد خولطوا ! وقد ۷ خالطهم أمر عظيم !
لا يرضَون من أعمالهم القليل ، ولا يستكثرون الكثير ، فهم لأنفسهم متّهمون ، ومن أعمالهم

1.الف وب : كالذي .

2.المصدر : عليهم .

3.المصدر : منعَّمون .

4.الف وب : حاجتهم .

5. أنّها نُصْب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، فظنّوا . المصدر : وظنّوا . أنّ زفير جهنّم وشهيقها في اُصول آذانهم ، فهم حانون على أوساطهم ، مفترشون بجباههم المصدر : لجباههم .

6.الف : فحكماء .

7.المصدر : لقد خولطوا ولقد .

صفحه از 287