زبور العارفين - صفحه 181

۰.وقال الرضا عليه السلام :ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم ، إنّما العبادة التفكّر في أمر اللّه .
وهي التي إذا تذكّرت في النفس هي ونتائجها بعد الذهول عنها تسمّى ذكراً نفسيّاً للإله تعالى وتقدّس ، وعالم الإلهي من العقول والنفوس القدسيّة من الفلكيّة والإنسانيّة والملائكة المقرّبين وصفاتهم وآلائهم وكمالاتهم ، وهو مبدأ وسبب لحبّ اللّه تعالى ولمخلوقاته المقرّبين وحبّ التقرّب والاتّصال إليه وإليهم ، ومبدأ وسبب أيضاً للرّهبة والزهد التامّ عن الدنيا ، والرغبة والطلب التامّ إلى الآخرة .
وقسمٌ في معرفة الاُمور الموصلة إلى عالم الإلهي من الأخلاق والأفعال الممدوحة ليتّصف بها ، ومعرفة الاُمور المانعة عن ذلك العالم الإلهي من الأخلاق السيّئة والأفعال المذمومة ليجتنب عنها .
وإلى هذين القسمين وقسمين الأوّلين أشار الصّادق عليه السلام بقوله العزيز : وجدت علوم الناس كلّها في أربع : أوّلها أن تعرف ربّك ، الثانية أن تعرف ما صنع بك ، والثالثة أن تعرف ما أراد منك ، والرابعة أن تعرف ما يُخرجك من دينك . ۱
فإذا علمت هذا يا حبيبي ، فكن دائم الفكر لتكون ذاكراً عالماً عاملاً بالحقّ ، ولا تكوننّ من /74/ الغافلين والجاهلين .

منها في الذّكر

وقد علمت أنّ الذكر ليس إلاّ تذكّر القسمين الأوّلين من أقسام التفكّر ونتائجها . وعلمت أنّ أحد هذين القسمين سبب لزهدٍ ما عن الدنيا فقط ، والآخر سبب للزهد ۲ عن الدنيا والرغبة إلى الآخرة جميعاً ، فلا شكّ أنّ تذكّرهما وتكرّرهما سبب لازدياد الزهد والتنفّر عن الدنيا واشتداد الحبّ والرغبة إلى الآخرة ، واشتدادهما سبب لتخلية النفس عن الأخلاق الذميمة وتحليتها بالأخلاق الحميدة ؛ وذلك أنّ النفس الطيّبة

1.الخصال ، ص۲۳۹ ، ج۸۷ ؛ بحار الأنوار ، ج۱ ، ص۲۱۲ ، ح۶ عن الخصال ؛ و ج۷۵ ، ص۳۲۸ ، ح۵ عن كشف الغمة ، عن أبي عبداللّه عليه السلام : وجدت علم اللّه كلهم في أربع . . . .

2.الف : الزهد .

صفحه از 287