زبور العارفين - صفحه 182

القدسيّة إذ تحرّكت بحركة الفكريّة والفحصيّة بقوّة الفكريّة إلى تحصيل ما تُفْقِده من الكمالات الحقيقيّة وممّا تتشبّه به بالعالم الإلهيّة ، تنوّرت بنور العقل وتتصوّر ۱ بصور الأشياء الدائمة والكمالات الحقّة بعد أن كانت متصوّرة بصور الأشياء الزائلة والكمالات المموّهة المزخرفة ، فتصير بالطبع مُحِبّة ۲ ومشتاقة إلى الأشياء الدائمة وكمالاتها الحقّة ، ومبغضة ومتنفّرة عن الأشياء الزائلة وكمالاتها المزخرفة .
فإذا استحكم فيها الحبّ والشّوق والبغض والتنفّر بسبب التذكّر والتكرّر المعلومين المذكورين تشرع حينئذ بحركة المجاهديّة وتتحرّك بجناحي القوّتين أي الشهويّة الحبّية والشوقيّة والغضبيّة البغضيّة والتنفريّة ، فبتذكّرها محاسن الآخرة وتكرّرها فاض على قوّتها الشهويّة شوقاً ومحبّةً آخر ، فاشتدّت قوّتها الحبيّة والشوقيّة ، وباشتداد القوّة الحبيّة والشوقيّة /75/ وبتذكّرها قبائح الدنيا وممانعتها إيّاها عن الوصول إلى محبوبها ، فاض على قوّتها الغضبيّة بُغْضٌ وتنفّر آخر ، فاشتدّت قوّتها الغضبيّة ، فباشتداد حرارة الحبيّة والبغضيّة الفائضة على قوّتي الشهويّة والغضبية ، تغلب النفس على سموم الباردة اللازمة للأخلاق الذميمة التي تكتسبها من الدنيا منذ أوّل تعلّقها بالبدن ، فتزيلها من نفسها أوّلاً ما هو أسهلها يسيراً يسيراً ، فيتّصف بالأخلاق الحميدة وبالأشياء التي تتشبّه بها بالعالم الإلهي لتتّصل بها وتتّخذ لها ، فإذا تطهّرت عن خُلق مّا من الأخلاق الذميمة وتحلّت بخُلقٍ مّا من الأخلاق الحميدة ، تحرّكت حينئذٍ بحركة الكماليّة من نقصٍ مّا إلى كمالٍ مّا ، وإذا تحرّكت بهذه الحركة فاض عليها شوق ومحبّة آخر ، فاشتدّت قوّتاها فتنهض إلى مجاهدة آخر لتطهّرٍ آخر ۳ فتطهّر منها وتتّصف بكمال آخر ، وهكذا تتحرّك حتّى تطهر من كلّ رجسٍ وطفسٍ ، ويتجلّى بكلّ نورٍ وحسن وصفاء ، فتخلص من كلّ عذابٍ أليم وتدخل في كلّ لذّة

1.ب : تنتقش .

2.الف وب : محبّته .

3.ب : ـ لتطهّر آخر .

صفحه از 287