زبور العارفين - صفحه 194

من صلاته ما عقل فيها ۱ .
روي عن معاذ بن جبل : من عرف مَنْ على يمينه وشماله متعمّداً فلا صلاة له ۲ .
وانظر ـ يا أخي ـ بهذه الكرامات ، واحذر كلّ الحذر عن إعراضه عنك بوجهه الكريم بذهولك عنه عند الصلوات والمناجاة . واجتهد كلّ الجهد بعون اللّه وقوّته في حفظ القوى العقليّة /86/ والحسّيّة عن الالتفات إلى غير اللّه ، وواظب عليه دائماً حتّى تصير تلك الحال بجذبات القدسيّة وعنايات الإلهيّة ملكةً ، بل تصير بألطاف المحبوبيّة والمعشوقيّة لذّة ونشاطاً بعد ما كانت كلفة ومشقّة ، فتصير الحال عند ذلك منعكساً ، أي الخروج عن الصلاة والالتفات إلى غير اللّه تصير كلفةً ومشقّةً ، لأنّه ۳ صار هذا طبيعيّة ۴ وذلك غير طبيعيّة كما كانت الأمر من قبل بالعكس .
ونقل عن الثقات أنّ أميرالمؤمنين وإمام العاشقين رمي بالسّهم في بعض الغزوات فأصاب على رجله واستحكم في العظم ، فلمّا قلع السهم بقي نصله تحت اللحم ولم يقدر على قلعه . فقال الجرّاح : ولابدّ من شقّ اللّحم ، فكرهوا عن ذلك واستعسروا ، فقال له الحسن عليه السلام : وإن كان ولابدّ من ذلك فاصبر حتّى يجيء وقت الصّلاة ، فإذا دخل في الصلاة فافعل ما شئت . فلمّا دخل في الصلاة ووله ربّه تعالى شقّ اللحم وقلع النّصل بتعب كثير ، فلمّا فرغ عن الصلاة ورأى ثيابه ومصلاّه ملطّخ بالدّم قال : وما ذلك الدّم ؟ قال ابنه الحسن عليه السلام : يا أبت شَقّ الجرّاح لحمك وقلع النّصل من رجلك . فقال عليه السلام : واللّه ما أحسستُ بذلك شيئاً ۵ .
وقال الشاعر في حقّه بالفارسيّة وصدق ما قال :
گر نماز آن بود كه كرد آن مرددر جهان هيچ كس نماز نكرد۶

1.بحار الأنوار ، ج۸۱ ، ص۲۴۸ ، ح۴۱ عن عوالي اللئالي ، عن النبي صلى الله عليه و آله .

2.بحار الأنوار ، ج۸۱ ، ص۲۴۸ ، ح۴۱ عن عوالي اللئالي ، روى معاذ بن جبل عنه صلى الله عليه و آله .

3.الف : ـ لأنّه .

4.الف : طبيعة .

5.المحجّة البيضاء ، ج۱ ، ص۳۹۷ .

6.في حاشية ب : ولقد أورد الديلمي أيضا رحمه الله هذه القصة في إرشاده وقال : ومن كراماته عليه السلام أنّه كان يُفرش له بين الصفين والسهام يتساقط وهو لا يلتفت عن ربه ولا يغير عادته ، وكان إذا توجه إلى اللّه تعالى توجه بكليته ، وانقطع نظره عن الدنيا وما فيها ، حتى أنهم إذا أرادوا إخراج الحديد والنُّشّاب من جلده الشريف تركوه حتى يصلي ، فإذا اشتغل بالصلاة وأقبل على اللّه أخرجوا الحديد من جسده ولم يحسّ ، فإذا فرغ من صلاته يرى فيقول لولده الحسن عليه السلام : إن هي إلاّ فعلتك يا حسن! منه دام ظله .

صفحه از 287