زبور العارفين - صفحه 195

منها في اليقين

اعلم أنّ اليقين يطلق على معنيين : أحدهما الذهني والعلمي ، وهو عبارة عن القضيّة والاعتقاد الذي لا يمكن عند العقل الفطري صدق خلافه . وهو قسمان : قسم بيّنٌ بنفسه ، وقسم بيّن الأوسط ۱ بالفكر والرؤية ، وهذا لا يحصل إلاّ بالبرهان العقلي أو بخبر المخبر الصادق الذي لا يثبت صدقه أيضا إلاّ بالبرهان العقلي /87/ ، واليقين بهذا المعنى لا يتفاوت بالشدّة والضعف .
ثانيهما العيني والعملي ، وهو عبارة عن استعمال العلم اليقيني ، أي صيرورة الصورة العلميّة اليقينيّة عيناً وحقيقةً في الخارج باستعمال المستعمل إيّاها ، واليقين بهذا المعنى يتفاوت بالشدّة والضعف بحسب الأفراد المتفاضلة له ، وبحسب أحوال المستعمل واستعماله إيّاه ، كما سنذكره مفصّلاً إن شاء اللّه .
فاليقين بمعنى العلم والاعتقاد هو معنى واحد يتكثّر بتكثّر ۲ المعلومات المتعلّقة بالعمل وتعمّلاتها المسمّاة باليقينيّات العلميّة ، مثلاً العلم اليقيني بأنّ الأشياء الدائمة الطاهرة اللطيفة النورانيّة حسنة وممدوحة بالذّات ، وما هو حسن وممدوحٌ بالذّات واجبٌ عند العقل أن يميل الإنسان ويتحرّك إليه ليصل به ، وكلّ ميلٍ وحركةٍ من الشيء المألوف إلى مقابله لابدّ فيها أن ينفصل أوّلاً عن المألوف ويتحمّل تعب

1.ب : بالأوسط .

2.الف : ـ بتكثّر .

صفحه از 287