زبور العارفين - صفحه 198

وثانيهما كان مسرورا ومنبسطا وشاكرا في المكروهات الواردة له بسبب اشتداد لذّه المحبّة لإاله تعالى وعالمه الإلهي ، كما كان مسرورا ومنبسطا وشاكرا في المحبوبات ، ومَثَله كمثل السقيم الذي يتسلّم بأمر الحكيم ، وبسبب اشتداد لذّة المحبة للصحة أكل الدواء المرّ بلا تعب وإكراه وكدورة ، بل بالشعف والانبساط التام ، كما قال شيخنا البهائي قدس سرهبالفارسيّة :

رنج راحت شد چو شد مطلب بزرگگرد گله توتياى چشم گرگ
والمتسلّم الموصوف بهذه الصفة يسمّى راضياً ، وهذا أفضل وأشرف قسمي التسليم والمتسلم ، لا ، بل هو التسليم بالحقّ والمتسلم بالصدق ۱ لا غير ، ولذلك قد يسمّى الرّاضي متسلّماً على الإطلاق من أجل أنّه هو الفرد الأكمل ؛ كما قال أبوحازم : قال لي علي بن الحسين عليهماالسلام : أخبرني ما التسليم لأمر اللّه ؟ قلت : الرضا بقضاء اللّه ، والصبر على بلاء اللّه ، وترك التعرّض لما أمر ونهى . قال : صدقت يا با حازم ۲ .
قال بعض المحقّقين : إنّ التسليم صفة يحصل بعد الرضى .
وعندي : أنّه صفة يحصل قبل الرضى كقبليّة العامّ على الخاصّ والمطلق على المقيّد ؛ لأنّ الإنسان يسلِّم أوّلاً علمه وإرادته وهواه إلى اللّه تعالى ، فلمّا سلّمها إلى

1.و ورد في حاشية ب : ومن قولنا «إن الراضي بالحق والمتسلّم بالصدق هو المسرور بالمكروه والمحبوب من حيث إنهما يردان عليه من المحبوب الحقيقي» يظهر أنّ الذي يسرّ بالمكروه ويحزن على المحبوب أو كان أحدهما أحبّ إليه من الآخر بحسب علمه وهواه لا بحسب أنه يرد عليه من المحبوب الحقيقي ليس راضيا ومتسلّما في الحقيقة ؛ لأنّ صاحب هذا الحال لم يسلّم علمه وهواه إلى اللّه تعالى وظنَّ أنه يسلّم ، وليس بعاشق وظنّ أنه عاشق ؛ كما ورد في الأثر أنّ أبا جعفر عليه السلام جاء إلى عيادة جابر بن عبداللّه الأنصاري وسأل حاله ، فأجاب عن حاله وقال : إنّ الهرم أحبّ إليَّ من الشباب ، والسقم من الصحة ، والموت من الحياة . فقال أبو جعفر عليه السلام : أمّا أنا يا جابر ، لو يهر مني أحبّ إليّ الهرم ، ولو يشبّني أحبّ إليّ الشباب ، وإن يُسقمني أحبُّ إليّ السقم ، وإن يُصحّني أحبُّ إليّ الصحة ، وإن أماتني أحبّ إليّ الموت ، وإن أحياني أحبّ إليّ الحياة . منه .

2.لم يوجد في المصادر .

صفحه از 287