زبور العارفين - صفحه 278

تنبيه : المعرض عن متاع الدنيا وطيّباتها يخصّ باسم الزاهد ، والمواظب على نفل العبادات من القيام والصّيام ونحوهما ۱ /159/ يخصّ باسم العابد ، والمنصرف بفكره إلى قدس الجبروت مستديماً لشروق نور الحق في سرّه يخصّ باسم العارف ، وقد يتركّب بعض هذه مع بعض .
تنبيه : الزهد عند غير العارف معاملةٌ ما كأنّه يشتري بمتاع الدنيا متاع الآخرة ، وعند العارف تنزّه ما عمّا يشغل سرّه عن الحقّ وتكبّر على كلّ شيء غير الحقّ ، والعبادة عند غير العارف معاملة مّا كأنّه يعمل في الدنيا لاُجرةٍ يأخذها في الآخرة هي الأجر والثواب ، وعند العارف رياضةٌ ما لهممه وقوى نفسه المتوهّمة والمتخيّلة ليجرّها بالتعويد عن جناب الغرور إلى جناب الحقّ ، فتصير مسالمة للسرّ الباطن حين ما يتجلّى ۲ الحقّ لا ينازعه فيخلص السرّ إلى الشروق السّاطع ، ويصير ذلك ملكة مستقرّة كلّما شاء السرّ اطّلع إلى نور الحقّ غير مزاحمٍ من الهمم ، بل مع تشييع منها له فيكون بكلّيّته ۳ منخرطاً في سلك القدس ۴ .
إشارة : العارف يريد الحقّ الأوّل لا لشيء غيره ، ولا يؤثر شيئاً على عرفانه ، وتعبّده له فقط ، ولأنّه مستحقّ للعبادة ، ولأنّها نسبة شريفة إليه لا لرغبةٍ أو رهبةٍ ، وإن كانتا فيكون المرغوب فيه أو المرهوب عنه هو الداعي وفيه المطلوب ، ويكون الحقُّ ليس الغاية بل الواسطة إلى شيء غيره هو الغاية وهو المطلوب دونه ۵ .
إشارة : المستحلّ توسيطَ الحقّ مرحوم من وجهٍ ؛ فإنّه لم يطعم لذّة البهجة به فيستطعمها ، إنّما معارفته مع اللذّات المخدجة فهو حنون إليها غافل عمّا وراءها ، وما مثله بالقياس إلى العارفين إلاّ مثل الصبيان بالقياس إلى المحتنكين ؛ فإنّهم لمّا غفلوا عن طيّباتٍ عرض عليها البالغون ، واقتصر بهم المباشرة على طيّبات ۶ اللّعب ، صاروا يتعجّبون من أهل الجدّ إذا زَوَّروا ۷ عنها عائفين لها عاكفين على غيرها ، كذلك مَن غضّ النّقصُ بصره عن مطالعة بهجةِ

1.ب : ـ من القيام والصيام ونحوهما .

2.ب : يستجلي .

3.الف : بكلية .

4.المصدر، ص۳۷۰ .

5.المصدر، ص۳۷۵ .

6.الف : ـ عرض عليها البالغون . . . طيّبات .

7.زَوَّر عنه : مال . وفي المصدر : إذا ازوروا .

صفحه از 287