زبور العارفين - صفحه 280

وأمّا الاُصول فهي إمّا اُمور عدميّة أو وجوديّة ، وكلا القسمين إمّا ظاهر وإمّا باطن .
أمّا العدميّات فيشملها ۱ الزهد الحقيقي وهو التنزّه عمّا يشغل السرّ عن الحقّ ، وهو في الظاهر ترك ما لا يعنيه ضرورة ، وفي الباطن تجريد السرّ عن كلّ خاطرٍ يجرّه أو يدعوه إلى غير الحقّ تعالى ، والمؤدّي إلى الأمرين اُمور أربعة هي أساس المعاملة مع اللّه تعالى : قلّة الطعام ، وقلّة المنام ، وقلّة الكلام ، والاعتزال عن الأنام .
وأمّا الوجوديّات فهي اُمور يشملها في الظاهر العبادة ، وفي الباطن تلطيف السرّ لقبول الفيض . أمّا العبادة فهي تطويع النفس الأمّارة للنفس المطمئنّة بأوضاع وهياكل شرعيّة أمريّة لا استنباطيّة ؛ لئلاّ يكون للنفس فيها حظّ ؛ لينخرط قواها كلّها في التوجّه إلى جناب الحقّ ، ولا ينازع سرّ السائر إلى القدس في مطالبها ، بل ۲ يشايعه وينجرّ إلى ما يناسب الأمر القدسي فيكون مجموع الهمّ ، ونهايتها الحضور الدائم مع الحقّ كما قال : « وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صلاتهم دائِمُونَ » ؛ وأوّلها الشكر الّذي هو أحد جزئي الإيمان قولاً وفعلاً وقلباً ، يتصوّر جميع النّعم من المنعم ؛ وأوسطها الذكر الدائم القلبي وتحصيل الملكات الفاضلة والأخلاق الحميدة .
وأمّا تلطيف السرّ فهو رفع الغشاوات الطبيعيّة عن وجه القلب بهدء القوى البدنيّة والنفسانيّة ومحاكاتها للسرّ في حركاتها ؛ ليقبل إشراقات أشعّة الأنوار القدسية فتنور ، وحصوله بالألحان الموسيقية بالأشعار المناسبة للأمر القدسي والمعاني الموجبة لإذعان الوهم ، وصحبة الأزكياء الأتقياء ، واستماع كلامهم وأحاديثهم في الطريقة وتبديل الأخلاق خصوصاً ما قرن بالنغمة الرخيمة والصوت الحسن والعبارة البليغة والسمت الرشيدة على طريقة الوعظ والخطابة /162/ وقراءة الوحي الإلهي واستماعه ، والمداومة على الذكر بكلمة التوحيد ، والفكر اللطيف في آلاء اللّه ومعاني آياته وصفات جلاله وأفعاله في عالم الملك ، وفي الحقائق اليقينيّة والمعارف الإلهيّة وصفاته الجماليّة والكماليّة في عالم الملكوت والجبروت .
ونهاية التلطيف : الفناء في وحدة الذاتيّة ، وظهور سلطان العشق الحقيقي ، والبقاء السرمدي للأوّل الحقّ الواحد المطلق .

1.الف : يشتملها . وكذلك المورد الآتي .

2.الف : ـ بل .

صفحه از 287