زبور العارفين - صفحه 281

الغرض الثالث

قال الشيخ :
[ إشارة : ثمّ ] إذا بلغت الإرادة والرياضة حدّاً ما ، عنت له خلسات من اطّلاع نور الحقّ عليه لذيذة كأنّها بروق تومض إليه ثمّ تخمد عنه ، وهو المسمّى عندهم أوقاتاً ، وكلّ وقت يكتنفه وجدان وجد إليه ووجد عليه ، ثمّ إنّه ليكثر عليه هذه الغواشي إذا أمعن في الارتياض .
إشارة : ثمّ إنّه ليتوغّل في ذلك حتّى يغشاه في غير الارتياض ، وكلّما لمح شيئاً عاج منه إلى جناب القدس يتذكّر من أمره أمراً فغشيه غاش ، فيكاد يرى الحقّ في كلّ شيء .
إشارة : ولعلّه إلى هذا الحدّ يستعلي عليه غواشيه ، ويزول هو عن سكينته ، فيتنبّه جليسه لاستيفازه عن قراره ، فإذا طالت عليه الرّياضة لم يستفزّه غاشية وهدي للتلبيس فيه .
إشارة : ثمّ إنّه ليبلغ به الرّياضة مبلغاً ينقلب له وقته سكينة ، فيصير المخطوف مألوفاً والوميضُ شهاباً بيّناً ، ويحصل له معارفه مستقرّةً كأنّها صحبة مستمرّة ۱ ويستمتع فيها ببهجته ، فإذا انقلب عنها انقلب حيراناً أسفاً .
إشارة : ولعلّه إلى هذا الحدّ إنّما يتيسّر له هذه المعارفة أحياناً ، ثمّ يتدرّج إلى أن يكون له متى شاء .
إشارة : ثمّ إنّه ليتقدّم هذه الرّتبة فلا يتوقّف أمره إلى مشيئته ، بل كلّما لاحظ شيئاً لاحظ غيره وإن ۲ لم يكن ملاحظته للاعتبار ، فيسنح له تعريج عن عالم الزور إلى عالم الحقّ مستقرٌّ ۳ به ، ويحتف حوله الغافلون /163/ .
إشارة : فإذا عبر الرّياضة إلى النيل صار سرّه مرآةً مجلوة محاذيا بها شطر الحقّ ، ودرّت عليه اللذات العلي ، وفرح بنفسه لما بها من أثر الحقّ ، وكان له نظر إلى الحقّ ونظرٌ إلى نفسه ، وكان بعد متردّداً .
إشارة : ثمّ إنّه ليغيب عن نفسه فيلحظ جناب القدس فقط ، وإن لحظ نفسه فمن حيث هي لاحظة لا من حيث هي بزينتها ، وهناك يحقّ الوصول . ۴

1.ب : ـ كأنها صحبة مستمرة .

2.الف وب : وإن .

3.الف وب : مستقرّا .

4.شرح الإشارات والتنبيهات ، ج۳ ، ص۳۸۴ ـ ۳۸۷ .

صفحه از 287