زبور العارفين - صفحه 282

قال المحقّق الطوسي قدس سره :

هذه آخر درجات السلوك إلى الحقّ ، وهي درجة الوصول التام ، ويليها درجات السلوك فيه وهي تنتهي عند المحو والفناء في التوحيد ، على ما سيأتي ، وفي هذا المقام يزول التردّد المذكور في الفصل السّابق ، وتتمّ الغيبة عن النفس والوصول إلى الحقّ .
واعلم أنّ الغيبة عن النفس لا ينافي ملاحظتها ، ولذلك قال : «وإن لحظ نفسه فمن حيث هي لاحظة ، لا من حيث هي بزينتها» .
وبيانه : أنّ اللاحظ من حيث هو لاحظ إذا لحظ كونه لاحظاً فقد لحظ نفسه ، إلاّ أنّ هذه الملاحظة دون الملاحظة التي كانت قبلها ؛ لأنّه كان هناك لاحظاً للنفس من حيث هي منتقشة بالحقّ متزيّنة بزينة حصلت لها منه فهو مبتهج بالنقش والابتهاج بالنقش وإن كان بسبب الحقّ إعجاب بالنفس ۱ وتوجه إلى النفس ، فإذن هو تارة متوجّه إلى النفس وتارة متوجّه إلى الحقّ ، ولذلك حكم عليه بالتردّد ؛ وأمّا هاهنا فهو متوجّه بالكليّة إلى الحقّ وإنّما يلحظ النفس من حيث يلحظ المتوجّه إليه الذي لا ينفكّ عن ملاحظة المتوجّه ، فهي ملاحظة النفس بالمجاز أو بالعرض ، ولذلك حكم هاهنا بالوصول الحقيقي . ۲

[ قال شيخ الرئيس : ]

تنبيه : الالتفات إلى ما تنزّه عنه شغل ، والاعتداد بما هو طوع /164/ من النفس عجز ، والتبجّج بزينة الذات من حيث هي الذّات وإن كان بالحقّ تيه ، والإقبال بالكليّة على الحقّ خلاص .
إشارة : العرفان مبتدأ من تفريق ونفض وترك ورفض ممعن في جمع هو جمع صفات الحق للذات المريدة بالصدق ، منته إلى الواحد ثمّ وقوف .
إشارة : من آثر العرفان للعرفان ، فقد قال بالثاني ، ومن وجد العرفان كأنّه لا يجده بل يجد المعروف به فقد خاض لجّة الوصول ، وهناك درجات ليست أقلّ من درجات ما قبله ، آثرنا فيها الاختصار ؛ فإنّها لا يفهمها الحديث ، ولا تشرحها العبارة ، ولا يكشف المقال عنها غير الخيال ، ومن أحبّ أن يتعرّفها فليتدرّج إلى أن يصير من أهل المشاهدة دون المشافهة ، ومن الواصلين إلى العين دون السامعين للأثر . ۳

1.الف وب : وإن كانت بسبب . . . للنفس .

2.شرح الإشارات والتنبيهات ، ج۳ ، ص۳۸۷ .

3.شرح الإشارات والتنبيهات ، ج۳ ، ص۳۸۸ ـ ۳۹۰ .

صفحه از 287