زبور العارفين - صفحه 283

قال المحقّق قدس سره :

العرفان حالة للعارف بالقياس إلى المعروف فهي لامحالة غير المعروف ، فمن كان غرضه من العرفان نفس العرفان فهو ليس من الموحّدين ؛ لأنّه يريد مع الحقّ شيئاً غيره ، وهذه حال المبتهج بزينة ذاته وإن كان بالحقّ ، أمّا من عرف الحقّ وغاب عن ذاته فهو غائب لامحالة عن العرفان الذي هو حاله ۱ لذاته ، فهو قد وجد العرفان ؛ لأنّه لا يجده بل يجد المعروف فقط ، فهو الخائض لجّة الوصول أي معظمه ، وهنالك درجات هي درجات التحلية بالاُمور الوجوديّة التي هي النعوت الإلهيّة ، وهي ليست بأقلّ من درجات ما قبله أعني درجات التزكية من الاُمور الخلقيّة التي تعود إلى الأوصاف العدميّة ؛ وذلك لأنّ الإلهيّات محيطة غير متناهية ، والخلقيات محاط بها متناهية ، وإلى هذا اُشير في قوله تعالى : « قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ البَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفِدَ كَلِمَاتُ /۱۶۵/ رَبِّي »الآية۲ فالارتقاء في تلك الدرجات سلوك إلى اللّه ، وفي هذه سلوك في اللّه ، وينتهي السلوكات بالفناء في التوحيد .
واعلم أنّ العبارة من هذه الدرجات غير ممكنة ؛ لأنّ العبارات موضوعة للمعاني التي يتصوّرها أهل اللغات ثمّ يحفظونها ثمّ يتذكّرونها ثمّ يتفاهمونها تعليماً وتعلّماً .
أمّا التي لا يصل إليها إلاّ غائب عن ذاته فضلاً عن قوى بدنه فليس يمكن أن يوضع لها ألفاظ فضلاً عن أن يعبّر عنها بعبارةٍ . وكما أنّ المعقولات لا تدرك بالأوهام ، والموهومات لا يدرك بالخيالات ، والمتخيّلات لا يدرك بالحواسّ ، كذلك ما من شأنه أن يعاين بعين اليقين فلا يمكن أن يدرك بعلم اليقين ، فالواجب على من يريد ذلك أن يجتهد في الوصول إليه بالعيان دون أن يطلبه بالبرهان . ۳

وعظ و ۴ نصيحة :

يا إخواني الروحيين ويا أحبّائي القدسيّين ، هل تَأثّرَ قلوبكم وتهزّز نفوسكم من هذه الكلمات المشوِّقة وحديّات الموجّدة التي تلوت عليكم من المناجاة المعصوميّة والأحاديث القدسيّة والآيات الإلهيّة والمواعظ الروحيّة والحكم النورية تأثّراً تامّاً

1.المصدر : ـ حاله .

2.سورة الكهف ، الآية ۱۰۹ .

3.شرح الإشارات والتنبيهات ، ج۳ ، ص۳۹۰ ـ ۳۹۱ .

4.ب : ـ وعظ و .

صفحه از 287