۴۳.تفسير العيّاشي عن يزيد بن رويان :دَخَلَ نافِعُ بنُ الأَزرَقِ ۱ المَسجِدَ الحَرامَ وَالحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام مَعَ عَبدِ اللّه ِ بنِ عَبّاسٍ جالِسانِ فِي الحِجرِ ، فَجَلَسَ إلَيهِما ثُمَّ قالَ : يَابنَ عَبّاسٍ ، صِف لي إلهَكَ الَّذي تَعبُدُهُ .
فَأَطرَقَ ابنُ عَبّاسٍ طَويلاً مُستَبطِئا بِقَولِهِ ، فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : إلَيَّ يَابنَ الأَزرَقِ المُتَوَرِّطَ فِي الضَّلالَةِ ، المُرتَكِسَ ۲ فِي الجَهالَةِ ؛ اُجيبُكَ عَمّا سَأَلتَ عَنهُ .
فَقالَ : ما إيّاكَ سَأَلتُ فَتُجيبَني !
فَقالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : مَهْ ، عَنِ ۳ ابنِ رَسولِ اللّه ِ ، فَإِنَّهُ مِن أهلِ بَيتِ النُّبُوَّةِ ومَعدِنِ الحِكمَةِ ۴ .
فَقالَ لَهُ : صِف لي .
فَقالَ لَهُ : أصِفُهُ بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ ، واُعَرِّفُهُ بِما عَرَّفَ بِهِ نَفسَهُ : لا يُدرَكُ بِالحَواسِّ ، ولا يُقاسُ بِالنّاسِ ، قَريبٌ غَيرُ مُلتَزِقٍ ، وبَعيدٌ غَيرُ مُقصىً ۵ ، يُوَحَّدُ ولا يَتَبَعَّضُ ، لا إلهَ إلاّ هُوَ الكَبيرُ المُتَعالِ .
قالَ : فَبَكَى ابنُ الأَزرَقِ بُكاءً شَديدا ، فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : ما يُبكيكَ ؟
قالَ : بَكَيتُ مِن حُسنِ وَصفِكَ .
قالَ : يَابنَ الأَزرَقِ ، إنّي اُخبِرتُ أنَّكَ تُكَفِّرُ أبي وأخي وتُكَفِّرُني !
قالَ لَهُ نافِعٌ : لَئِن قُلتُ ذاكَ لَقَد كُنتُمُ الحُكّامَ ومَعالِمَ الإِسلامِ ، فَلَمّا بُدِّلتُمُ استَبدَلنا بِكُم .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يَابنَ الأَزرَقِ ، أسأَ لـُكَ عَن مَسأَلـَةٍ فَأَجِبني عَن قَولِ اللّه ِ لا إلهَ إلاّ هُوَ : «وَ أَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَـمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِى الْمَدِينَةِ وَ كَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا» إلى قَولِهِ «كَنزهُمَا» مَن حُفِظَ فيهِما ؟ [قالَ : أبوهُما] . ۶
قالَ : فَأَيُّهُما أفضَلُ ؛ أبوهُما ۷ أم رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله وفاطِمَةُ ؟
قالَ : لا ، بَل رَسولُ اللّه ِ وفاطِمَةُ بِنتُ رَسولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله .
قالَ : فَما حَفِظَهُما حَتّى حيلَ ۸ بَينَنا وبَينَ الكُفرِ .
فَنَهَضَ [ابنُ الأَزرَقِ] ۹ ثُمَّ نَفَضَ بِثَوبِهِ ، ثُمَّ قالَ : قَد نَبَّأَنَا اللّه ُ عَنكُم مَعشَرَ قُرَيشٍ أنتُم قَومٌ خَصِمونَ . ۱۰
1.نافع بن الأزرق ، من رؤساء الخوارج ، وكان مصاحبا لابن عبّاس في مكّة ، فسأله عن بعض الآيات التي كان يتوهّم اختلافها .
2.في الطبعة المعتمدة : «المرتكن» ، والتصويب من طبعة مؤسّسة البعثة وبحار الأنوار .
3.في بحار الأنوار : «سَلْ» بدل «عن» .
4.في الطبعة المعتمدة : «ومعه من الحكمة» ، والتصويب من طبعة مؤسّسة البعثة .
5.في الطبعة المعتمدة : «مقص» ، والتصويب من طبعة مؤسّسة البعثة .
6.ما بين المعقوفين سقط من الطبعة المعتمدة وأثبتناه من طبعة مؤسّسة البعثة وبحار الأنوار .
7.في الطبعة المعتمدة : «أبويهما» ، والتصويب من طبعة مؤسّسة البعثة وبحار الأنوار .
8.في بحار الأنوار : «فما حُفِظنا حتّى حال . . .» .
9.ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .
10.تفسير العيّاشي : ج ۲ ص ۳۳۷ ح ۶۴ ، التوحيد : ص ۸۰ ح ۳۵ ، روضة الواعظين : ص ۴۳ كلاهما عن عكرمة نحوه وليس فيهما ذيله من «فبكى» ، بحار الأنوار : ج ۳۳ ص ۴۲۳ ح ۶۳۱ ؛ تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۱۸۳ عن عكرمة نحوه .