الأربعون الودعانية - صفحه 230

الموت ؛ فإنّه هادم لجميع اللذّات بالحقيقة .
قوله : «وسّعه عليكم»، معناه : أنّ الإنسان إذا ذكر الموت في ضائقته لفقر أو مصيبة اُخرى ـ أيّ مصيبة كانت ـ فإنّها تهون عليه وتسهل ، ولهذا قيل : مَن تَفَكَّر في الموت هانت عليه المصائب .
«فأجرتم»، أي: فأعطاكم اللّه الأجر على الرضا بذلك الضيق ، و«الأجر» : الثواب .
قوله : «بغّضه إليكم»: لا شَكَّ أنّ العاقل إذا أكثر ذكر الموت والتفكُّر فيه انصرف قلبه عن حبِّ الدنيا ونعيمها الفاني عن قريب ، ومال إلى حبّ الآخرة ونعيمها الدائم الذي لا آخر له .
«فجُدتم» : أي: فتصدَّقتم وآثرتم وتقرَّبتم إلى اللّه تعالى .
«فاُثبتم »، أي: فأعطاكم اللّه الثَّواب .
«المنايا» جمع منيَّة ، وهي الموت ، سمِّيت بذلك لأنّها مقدّرة ، فاشتقاقها من المَنْي ـ بوزن الرمي ـ وهو التقدير ، شعر :

لا تأمننّ به وإن أمسيت في حزمحتّى تلاقي ما يَمني لك الماني
أي ما يقدّر لك المقدّر ، وقيل : إنّ مِنى مشتقّة من هذا ؛ لأنّ المنايا قُدِّرت فيها على الضحايا فذبحت بها . وقيل في قوله تعالى : «مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى»۱ : إنّه من التقدير، وقيل: إنّه من المُنى، لا من المَني .
«مُدنيات» أي: مقرّبات ، و«الآجال» : مُدَد الأعمار.
«الإحصاء» : العد .
قوله : «فختم عليه» أي: صِين وحفظ عن الزيادة والنقصان ، ليجازى به يوم القيامة .
«الرمس» : تراب القبر ، وقيل : هو القبر نفسه ، وأصله المصدر من قولهم : رَمَسَ الميت رمسا ، أي: دفنه.

1.سورة النجم ، الآية ۴۶ .

صفحه از 307