الأربعون الودعانية - صفحه 237

الحكمة: هو الذي لا يفهمها ولا يعقلها ولو كرّرت عليه ؛ لخلل واعوجاج في ذهنه وفساد في إدراكه ، والذي يفهمها ـ أيضا ـ ولا يعمل بها؛ لغلبة شهواته على عقله ، وكلاهما ليسا أهلاً للحكمة، فإعطاؤها إيّاهما يكون ظلما ؛ لأنّه وضع الشيء في غير موضعه ، وأهل الحكمة: هو الذي يفهمها ويعقلها ويعمل بها . وفي رواية اُخرى ـ بعد قوله : «فتظلموهم» ـ : كونوا كالطبيب الرفيق الذي يضع الدواء في موضع الداء۱.
وفي لفظ آخر : مَن وضع الحكمة في غير أهلها جهل ، ومن منعها أهلها ظلم ، إنّ للحكمة حقّا وإنّ لها أهلاً ، فأعط كلَّ ذي حقٍّ حقَّه۲.
وعن عيسى عليه السلام : لا تعلّقوا الجوهر في أعناق الخنازير۳؛ فإنّ الحكمة خير من الجوهر ، ومن كره الحكمة فهو شرٌّ من الخنزير.

وقال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله : اغرف لكل واحد من نهره ، واسقه بكأسه. ۴
وقال الشيخ أبو طالب المكي رحمه الله : «كِل لكل عبد بمعيار عقله ، وزن له بميزان عمله، حتى تسلم منه وينتفع بك ، وإلّا وقع الإنكار ؛ لتفاوت المعيار». ۵
وعن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال : إنّ لكل شيء عند اللّه حرمة ، ومن أعظم الأشياء حرمة الحكمة ، فمن وضعها في غير أهلها طالبه اللّه تعالى بحقّها ، ومن طالبه خصمه .۶
قوله : «ولا تعاقبوا ظالما»: حثٌّ على العفو والصفح والتجاوز؛ ليثبت الفضل للعافي على المعفوّ عنه .
«الرياء» : النظر إلى الخلق في الطاعات ، وهو ضدّ الإخلاص الذي هو تصفية

1.مصباح الشريعة ، ص ۲۱ ، وفيه : «يضع الدواء حيث ينفع ».

2.الأسرار الفاطمية للشيخ محمد فاضل المسعودي ، ص ۴۶ .

3.راجع: التحفة السنية ، ص ۷ ، و شرح اُصول الكافي ، ص ۱۱۹ .

4.لم نقف عليه.

5.في شرح رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام ، ص ۴۲۶ : «كِل لكل عبد بمعيار عقله ، وزن له بميزان فهمه حتى تسلم منه وينتفع بك ، وإلا وقع الإنكار لتفاوت المعيار».

6.في كشف الخفاء ، ج ۲ ، ص ۳۷۴ ، ما نصه:« وروى ابن جهضم في بهجة الأسرار عن أبي محمد الحرير ، قال: رأيت في المنام كأن قائلاً يقول: إن لكل شيء عند اللّه حقا ، وإنّ أعظم الحق عند اللّه حق الحكمة ، فمَن جعل الحكمة في غير أهلها طالبه اللّه بحقها ، ومن طالبه اللّه بحق خصم».

صفحه از 307