الأربعون الودعانية - صفحه 247

يحيونها ۱ ، بل يهدمونها فيبنون بها آخرتهم ، ويبيعونها فيشترون ۲ بها ما يبقى لهم ، ۳ نظروا إلى أهلها صرعى قد حلّت بهم المَثُلات، فما يرون أمانا دون ما يرجون، ولا خوفا دون ما يحذرون ۴ . ۵

[ الشرح ]

«أولياء اللّه »: جمع ولي ، وفيه وجهان ؛ أحدهما : أنّه فعيل بمعنى مفعول ، كقتيل وجريح يعني مقتول ومجروح ، فعلى هذا هو مَن يتولَّى اللّه رعايته وحفظه، فلا يكله إلى نفسه لحظة، كما قال اللّه تعالى : «وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّــالِحِينَ»۶ . والوجه الثاني : أنّه فعيل ، مبالغة من فاعل ، كرحيم وعليم بمعنى راحم وعالم ، فعلى هذا هو مَن يتولّى عبادة اللّه تعالى فيأتي بها على التوالي من غير أن يتّخذه عصيان أو فتور. وكلا المعنيين شرط في الولاية ، فمن شرط الولي : أن يكون محفوظا ، كما أنّ من شرط النبيّ أن يكون معصوما ، فكل من كان للشرع عليه اعتراض فليس بوليٍ ، بل هو مغرور مخادع . كذا ذكر الإمام أبو القاسم القشيري وغيره من أئمة الطريق رحمه الله ۷ .
ومعنى النظر إلى باطن الدنيا : رؤيتها بعين القلب ، وهو التفكر فيها ، والتدبُّر في حكمة خلق اللّه إيّاها وإيجاده لها ؛ فإنّه إنّما خلقها وأوجدها بما فيها من أجناس المخلوقات وأنواعها من الجماد والنبات والحيوان؛ ليكون آيةً دالةً على وحدانيته ، وليكون مزرعةً للآخرة، وقنطرةً يعبَّر عليها اليها ، وزادا يتزوَّد منها بقدر الضرورة لسفر

1.في البحار : «يحبونها».

2.في «خ»: «ليشترون» .

3.في «خ» والفتوحات المكية : + «و» .

4.كذا في «ش» والبحار ، وفي غيرهما: «يجدون».

5.بحار الأنوار ، ج ۷۷ ص ۱۸۱ عن أعلام الدين .

6.سورة الأعراف ، الآية ۱۹۶ .

7.في مغني المحتاج لمحمد بن أحمد الشربيني (ج ۴ ص ۱۳۴) عن القشيري : «من شرط الولي أن يكون محفوظا ، كما أنّ من شرط النبيِّ أن يكون معصوما ، فكل من كان للشرع عليه اعتراض فهو مغرور مخادع». وراجع: شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ، ج ۱۱ ، ص ۷۶ . وإعانة الطالبين للبكري الدمياطي ، ج ۴ ، ص ۱۵۱.

صفحه از 307