الأربعون الودعانية - صفحه 249

أصل كل فتنة ومحنة .
«خَلَقَتْ» و «أخلقت» : أي: عتقت وبليت ، والمراد بذلك: إخلاق ما جاورهم منها من مساكنهم وملابسهم وآلات بيوتهم . والمراد بموتها في صدورهم : هوانها في نظرهم، وعدم خطورها في قلوبهم .
«فما يحيونها» بالنظر إليها ، وتعليق القلوب بها ، بل يهدمونها بتركها والإعراض عنها.
«الصرعى» : الموتى ، والصرعى واحدهم صريع ، وهو فعيل بمعنى مفعول .
«حلَّت» : نزلت .
«المثلاث»: العقوبات ، واحدها : مَثُلة ـ بفتح الميم وضمّ الثاء ـ والمراد به: الذين اشتغلوا بالدنيا ونعيمها عن اللّه تعالى حتّى نزل بهم عذابه وعقابه .
«فما يرون أمانا دون ما يرجون»، يعني : إنّ أولياء [اللّه ] لا يرون ما يعدُّونه أمانا ـ من جميع المبشِّرات وعلامات الأمان التي تظهر لهم ويعدّها غيرهم أمانا ـ [ أمانا ] غير ما يرجونه من رحمة اللّه تعالى في الآخرة ، فيكون «دون» بمعنى «غير»، كما في قوله تعالى : «وَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللّه ءَالِهَةً» 1 أي : من غير اللّه .
أو بمعنى : قبل ، كما في قولهم : لا أقوم من مجلس دون أن تجيء . ولا اُفارقك دون أن تعطيني حقي .
ولا يرون ما يعدُّونه خوفا من جميع ما يعدّه [ غيرهم ] 2 خوفا غير ما يعدُّونه من عذاب الآخرة، فالذي يرجونه أولياء اللّه هو رحمته في الآخرة ، والذي يحذرونه هو عذابها فيها . ولا نظر لهم إلى أمر مرجوّ أو مخوف غير هذين ؛ يؤيِّده قوله تعالى : «أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ

1.سورة مريم ، الآية ۸۱ .

2.الزيادة اقتضاها السياق.

صفحه از 307