قوله : «واعدد نفسك في الموتى» يعني: لا تغترّ بالبقاء في دار الفناء ؛ فإنّ الحياة فيها ـ في الحقيقة ـ كزيارة ضيف أو سحابة صَيف .
قوله : «وإذ أصبحت نفسك ـ إلى قوله : ـ بالصباح» حثّ على تقصير الأمل ، وقد سبق شرحه في الحديث التاسع ، وباقي الحديث حثٌّ على المسارعة الى الطاعات واغتنام الأوقات والمبادرة إلى استغراقها بالتقوى والعمل الصالح ؛ فإنّ أوقات الإنسان وأنفاسه : رأس ماله ، وسوقه : الدنيا ، وربحه : الفوز بالجنة ، وخسرانه : الخلود في النار ـ أجارنا اللّه منها ـ .
و «الهرم »: الكبر .
وقوله : «فإنّك لا تدري ما اسمك غدا»، أي: لا تعلم أنّ اسمك غدا: حيّ، فتقدر على العمل وتستدرك فيه ما فاتك بالأمس ، أو اسمك: ميِّت ، فتقع في الحسرة والندامة التي لا آخر لها .
[ 22 ]
الحديث الثاني والعشرون ۱
۰.عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله۲في بعض خطبه أو مواعظه :عن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله ۳ في بعض خطبه أو مواعظه : أيُّها الناس ، لا تشغلنَّكم ۴ دنياكم عن آخرتكم ، فلا ۵ تؤثروا أهواءكم على طاعة ربّكم ، ولا تجعلوا أيمانكم ذريعةً إلى معاصيكم ۶ ، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، ومهّدوا لها قبل أن تعذّبوا ، وتزوّدوا للرحيل قبل أن تُزعَجوا ؛ فإنّما هو موقف عدل ۷
، واقتضاء حقٍّ ، وسؤال عن واجب ، وقد أبلغ ۸ في
1.روي هذا الحديث أو مقاطع منه مع اختلاف في الألفاظ في الكتب التالية : بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۸۱ ؛ أعلام الدين في صفات المؤمنين ، ص ۳۳۹ ؛ الفتوحات المكية ، ج ۴ ، ص ۵۴۳ ؛ تفسير القرطبي ، ج ۱۴ ، ص ۳۵۳ .
2.العبارة في «خ» و «ش» هكذا: «قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول».
3.في البحار والفتوحات المكية : «لا يشغلنكم».
4.في «خ» و «ش» والفتوحات : «ولا».
5.في الفتوحات المكية : «لمعاصيكم».
6.في البحار : «فإنّها موقف عدل».
7.في «خ» والفتوحات : «ولقد بلّغ...» .