الأربعون الودعانية - صفحه 270

الأنفاس ، وجِدَّة الأحلاس ۱ ، قبل أن تؤخذوا ۲ بالكظم فلا ينفع ۳ الندم. ۴

[الشرح]

«بسيط الأمل» : موسَّعه و مبسوطه ، فعيل بمعنى مفعول ، ومنه : بسيط الأرض ، وهو وجهها، ويقال : «أصاب الأرض بسيط» أي: مطر منبسط .
«الأجل» مدة العمر .
«المعاد »: المصير والمرجع، يكون مصدرا بمعنى العود، ويكون مكانا للعود ، ومنه : الآخرة معاد الخلق ، أي: موضع عودهم بعد موتهم .
«المضمار» : موضع تضمير الخيل ، وهو علفها للسمن ، ومدّة تضميرها أيضا ، وهي أربعون يوما وهو استعارة هنا ، ومعناه : أنّ في الآخرة يتبيَّن سمن الأعمال وهزالها . أو معناه : أنّ الأعمال مدّخرة في الآخرة لوقت السباق بها ، وهو وقت العرض والحساب ، وفي حديث حذيفة : اليوم مضمار ، وغدا السباق۵ ، يعني : اليوم العمل في

1.في «خ»: «الاجلاس».

2.في «ش» : «يؤخذ».

3.في «ش» : «ولا يغني» . في «خ» : «يؤخذ بالكظم فلا يغني» ، وفي الفتوحات : «يؤخذ بالكظم ولا يغني» .

4.بحار الأنوار ، ج ۷۷ ، ص ۱۸۳ عن أعلام الدين .

5.بحار الأنوار ، ج ۶۵ ، ص ۳۶۰ . وفي نهج البلاغة ، ج ۱ ، ص ۷۰ ـ ۷۳ ، ما نصه : «ومن خطبة له عليه السلام : أما بعد : فإنّ الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع ، وإنّ الآخرة قد أشرفت باطّلاع ، ألا وإنَّ اليوم المضمار ، وغدا السباق ، والسبقة الجنة ، والغاية النار . أفلا تائب من خطيئته قبل منيَّته؟ ألا عامل لنفسه قبل يوم بؤسه؟ ألا وإنّكم في أيَّام أمل من ورائه أجل ؛ فمَن عمل في أيام أمله قبل حضور أجله نفعه عمله ولم يضرره أجله ، ومن قصَّر في أيام أمله قبل حضور أجله فقد خسر عمله وضرَّه أجله . ألا فاعملوا في الرغبة كما تعملون في الرهبة. ألا وإنّي لم أر كالجنة نام طالبها ، ولا كالنار نام هاربها. ألا وإنه من لا ينفعه الحقُّ يضرره الباطل ، ومن لم يستقم به الهدى يجرُّ به الضلال إلى الردى . ألا وإنكم قد اُمرتم بالظعن ، ودللتم على الزاد ، وإن أخوف ما أخاف عليكم اتّباع الهوى وطول الأمل . تزوَّدوا من الدنيا ما تحرزون أنفسكم به غدا. وقال الشريف الرضي : أقول : لو كان كلام يأخذ بالأعناق إلى الزهد في الدنيا ويضطر إلى عمل الآخرة لكان هذا الكلام . وكفى به قاطعا لعلائق الآمال وقادحا زناد الاتّعاظ والازدجار . ومِن أعجبه قوله عليه السلام : ألا وإنّ اليوم المضمار وغدا السباق ، والسبقة الجنّة والغاية النار ؛ فإنّ فيه ـ مع فخامة اللفظ وعظم قدر المعنى وصادق التمثيل وواقع التشبيه ـ سرّا عجيبا ومعنى لطيفا وهو قوله عليه السلام : والسبقة الجنَّة والغاية النار ، فخالف بين اللفظين لاختلاف المعنيين . ولم يقل السبقة النار كما قال : السبقة الجنة ؛ لأنّ الاستباق إنّما يكون إلى أمر محبوب وغرض مطلوب ، وهذه صفة الجنة ، وليس هذا المعنى موجودا في النار ، نعوذ باللّه منها ، فلم يجز أن يقول: والسبقة النار ، بل قال: والغاية النار ؛ لأنّ الغاية ينتهي إليها من لا يسرُّه الانتهاء ومن يسرُّه ذلك ، فصلح أن يعبّر بها عن الأمرين معا ، فهي في هذا الموضع كالمصير والمآل ؛ قال اللّه تعالى : «قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ» ، ولا يجوز في هذا الموضع أن يقال: سبْقتكم ـ بسكون الباء ـ إلى النار ، فتأمل ذلك ؛ فباطنه عجيب وغوره بعيد ، وكذلك أكثر كلامه عليه السلام .

صفحه از 307