الأربعون الودعانية - صفحه 294

[الشرح]

لا شك أنّ من راضَ نفسه وعوّدها القناعة وتقليل الشهوات، يسهل عليه الفقر؛ لأنّه لا يبقى له من الحوائج إلّا الحوائج الأصلية ، وهي زاوية يسكنها ، و خرقة يستر بها عورته ، وكسرة يسدّ بها جوعته . وكذا من اعتاد اجتناب المعاصي وصار قليل الذنوب، لا يصعب عليه الموت كما يصعب على المستغرق في المعاصي المنهمك فيها؛ لأنّ معالجة سكرات الموت على المطيعين أخفّ وأسهل منها على العاصين .
«القناعة بالشيء» : الرضا به .
قوله : «ليس بفائتك ما قسم لك»، أي: كل ما قسم اللّه للإنسان وكتبه رزقا له لا يفوته منه ذرّة بتركه السعي والطلب ، ولا يزداد عليه ذرّة بشدّة سعيه وطلبه .
«زوي»: جمع و قبض ، يعني : أنّ الإنسان لا يلحق بحرصه واجتهاده شيئا منعه اللّه عنه ولم يقسمه له، كما قلنا.
قوله : «فلا تك جاهلاً فيما يصبح نافذا»، معناه: أنّه لو قدّر أنّ الجهد والحرص تفيد زيادة الرزق ـ مع أنّه لا محالة ينفد ويفنى ـ كان العقل يقتضي أن لا يضيع العمر ـ الذي هو من أعزّ الأشياء ـ في تحصيل الفاني ، بل في اقتناء الباقيات الصالحات.
«الملك الذي لا زوال له» : هو نعيم الجنّة وثوابها.
و«المنزل الذي لا انتقال عنه»: هو الجنة .

[ 38 ]

الحديث الثامن والثلاثون ۱

۰.عن ابن عبّاس قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول :إنّه ما سكن حبُّ الدنيا قلب عبد إلاّ

1.روي هذا الحديث أو مقاطع منه مع اختلاف في الألفاظ في الكتب التالية : بحار الأنوار ، ج ۷۴ ، ص ۱۸۸ ؛ الدر المنثور ، ج ۲ ، ص ۳۱ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج ۴۷ ، ص ۴۲۹ ؛ أعلام الدين في صفات المؤمنين ، ص ۳۴۵ ؛ الفتوحات المكية ، ج ۴ ، ص ۵۴۰ .

صفحه از 307