شرح چهار حديث از اربعين هروي - صفحه 523

قوله عليه السلام : «فاعلموا بعجزكم ... الخ» عجزهم عن الإتيان بمثله مضافا إلى ما نطق به من الآيات والأخبار من القطعيّات الّتي لا تقبل الإنكار ؛ إذ من الواضح أنّه تحدّى بالقرآن فصحاء العرب وبلغاءهم مع كثرتهم وشهرتهم بغاية العصبيّة ، ومعاداتهم له أشدّ المعاداة ، وتهالكهم في إبطال أمره ، فلم يقدروا على الإتيان بمثله ؛ إذ لو قدروا لأبطلوا دعواه بذلك قطعا ، ولم يتحمّلوا التقريعات الواردة في الآيات وغيرها ، فضلاً عمّا تحمّلوه من قتل نفوسهم وذهاب أموالهم وفراقهم الأوطان والعشائر ، وقبولهم الجزية ، وكلّ ذلك معلوم متواتر .

[ وجه إعجاز القرآن ]

وأمّا وجه إعجاز القرآن ، فقد اختلفوا فيه :
فعن جمهور العامّة والخاصّة منهم الشيخ المفيد رحمه الله : أنّ إعجازه لكونه في الطبقة العليا من الفصاحة والبلاغة على ما يعرفه فصحاء العرب بسليقتهم والعلماء بمهارتهم في فنّ البيان . هذا مع اشتماله على الإخبار عن المغيبات الماضية والآتية ، وعلى دقائق العلوم الإلهيّة ، وأحوال المبدأ والمعاد ، ومكارم الأخلاق ، والإرشاد إلى فنون الحكمة العلميّة والعمليّة ، والمصالح الدنيويّة والدينيّة ، على ما يظهر للمتدبّرين .
وعن بعض المعتزلة : أنّه لاشتماله على النظم الغريب والاُسلوب العجيب المخالف لنظم العرب ونثرهم، بحيث لم يعهد في كلامهم ، وكانوا عاجزين عنه .
وعن الباقلاني ۱ : أنّه لمجموع الأمرين : البلاغة والنظم الغريب .
وقيل : لاشتماله عن الإخبار بالغيب .
وقيل : لعدم اختلافه وتناقضه مع ما فيه من الطول والامتداد .

1.هو القاضي أبو بكر محمّد بن الطيّب البصري ثمّ البغدادي ، ناصر طريقة الأشعري ، كان مشهورا بالمناظرة وسرعة الجواب ، له مناظرة مع الشيخ المفيد رحمه الله فغلبه الشيخ ، لاحظ الكنى والألقاب ، ج ۱ ، ص ۵۵ ـ ۵۶ «الباقلاني» . لاحظ ترجمته في تاريخ بغداد ، ج ۵ ، ص ۳۷۹ ، رقم ۳۸۳ ؛ سير أعلام النبلاء ، ج ۱۷ ، ص ۱۹۰ ، ص ۱۱۰ ؛ تاريخ الإسلام ، وفيات ۴۰۱ ـ ۴۲۰ ، ص ۸۸ ؛ المنتظم ، ص ۱۵ ، في وفيات سنة ۴۰۳ ؛ وفيات الأعيان ، ج ۴ ، ص ۲۶۹ ؛ الوافي بالوفيات ، ج ۳ ، ص ۱۱۷ .

صفحه از 543