شرح چهار حديث از اربعين هروي - صفحه 533

ولسنا هنا بصدد تفصيل هذا المطلب .
وبالجملة ، فتقدُّمُ بعضهم على بعض لا ينافي اتّحادهم عليهم السلام في الحقيقة وكونهم نفسا واحدة ؛ كما ورد أنّ أوّلنا محمّد ، وآخرنا محمّد ، وأوسطنا محمّد ، وكلّنا محمّد ۱ ؛ فإنّ العقل والنفس والطبيعة كلّها مراتب شخص واحد ، والقلب والكبد والدماغ وسائر الأعضاء كلّها أجزاء بدن واحد ، مع أنّ بينها من التفاوت ما لا يخفى .
ويمكن التعبير عن هذا التفاوت بأنحاء مختلفة باعتبارات متفاوتة ، فلك أن تقول : إنّ محمّدا صلى الله عليه و آله مقدّم على عليّ عليه السلام بثمانين مرتبة أو بثمانين ألف مرتبة على ما عرفت . وأن تقول بأربعين ؛ بملاحظة مراتب القابليّات والمقبولات من دون ملاحظة الغيب والشهادة . وأن تقول بمرتبة باعتبار أنّ الكلّ مراتب شخص واحد ومقامات مرتبة واحدة . ولو وجد في الأخبار اختلاف في أمثال هذه المقامات ، فهو بملاحظة هذه الاعتبارات ، كما ترى في تعدّد العوالم ، حتّى ورد [عن الإمام الباقر عليه السلام ] : أنّ للّه تعالى ألف ألف عالم ۲ ، وكما في ملاحظة الشيء بالنسبة إلى أشعّته ؛ فإنّه قد يقال إنّه أقوى منها بسبعين درجة ، وقد يقال : بأربعة آلاف وتسعمئة ؛ فإنّ الأوّل بالنسبة إلى الشعاع القريب ، والثاني بالنسبة إلى شعاع الشعاع ، وبالجملة فالفطن البصير يضع كلّ شيء في موضعه ولا يرى اختلافا في كلمات مواليه وأئمّته .
وقوله عليه السلام : «فكان نوري محيطا بالعظمة ... الخ» يعني بعد أن تمّ نوري بجميع مراتبه واشتقّ منه نور عليّ عليه السلام ، صار نوري محيطا بالعظمة الّتي هي النبوّة الظاهرة أي محلاًّ لها ، ونور عليّ عليه السلام محلاًّ للقدرة الّتي كان النبيّ صلى الله عليه و آله طائفا حولها أوّلاً .
بيان ذلك ـ مع أنّ النبيّ أعلى من عليّ عليهماالسلام ، والعظمة أنزل من القدرة ـ أنّ القدرة هي الولاية المطلقة كما مرّ ، والولاية إنّما هي للّه ؛ قال تعالى : «هنالك الولاية للّه الحقّ»۳ ، ولمّا كان ذات اللّه تعالى ۴ لا يباشر ۵ :

رقّ الزجاج ورقّت الخمر
فتشاكلا وتشابه الأمر

فكأنّما خمر ولا قدح
وكأنّما قدح ولا خمر

ولكن إذا تعلّقت بالدهن ظهرت منها أشعّة قوية وآثار عجيبة ؛ وذلك لصفاء قابليّة الدهن وكثافتها بالنسبة إلى الهواء وحفظها أثر النار ، ولا شكّ أنّ النار من دون توسّط الهواء لا تتعلّق بالدهن ، فالنار مثال ولاية اللّه سبحانه ، والهواء مثال الحقيقة المحمّديّة ، والدهن الصافي مثال الحقيقة العلويّة ، فولاية اللّه هي الربوبيّة إذ لا مربوب لا ذِكرا ولا عينا ، وولاية النبيّ هي المربوبيّة إذ مربوب ذِكرا ، وولاية عليّ هي الربوبيّة إذ مربوب عينا ، فكان بذلك حامل اللواء ، فجلال القدرة ـ أي الولاية الحقيقيّة ـ للنبيّ صلى الله عليه و آله ، ولكنّها ظهرت في عليّ ، كما ظهرت الكواكب والبروج وسائر المبادي في الكرسي دون العرش مع أنّه أعظم ، فالكرسي حينئذ طائف ۶ حول جلال القدرة في عالم الظهور ؛ لأنّ الفيوضات المنتشرة في العالم كلّها من الكرسي وإن كان الكرسي لايستمدّ إلاّ من العرش ، ومحمّد وعليّ نسبتهما في الباطن نسبة العرش والكرسي ، لكنّ العرش صمت ، أي لم يسمع كلامه أحد ، وإلاّ قد نطق ، بخلاق الكرسي فإنّه قد نطق وسمع كلامه كلّ أحد ، ولذا ترى الناس قد غلوا في عليّ عليه السلام دون محمّد صلى الله عليه و آله ؛ إذ لم يظهر منه صلى الله عليه و آله

1.المحتضر ، ص ۱۶۰ ، رواه عن الإمام الصادق عليه السلام .

2.تقدّم تخريجه في شرح الحديث ۱۴ من الكتاب .

3.سورة الكهف ، الآية ۴۴ .

4.«أ» : - تعالى .۵ . في «ج» : لا تباشر .

5. الأشياء ؛ لتكرّمها ، كانت التعلّقات بالظهورات الفعليّة ، فكلّ مَن هو أقرب إليه تعالى كان أولى بهذه الولاية ، ولكن لمّا كان مَن هو في غاية القرب متعاليا أيضا عن التعلّق بالحوادث الكَونيّة ـ لأنّ سرّ ظهور الوحدة والجلال والتكرّم فيه أشدّ ـ استقرّت تلك الظهورات في المرتبة المتأخّرة عنه . ألا ترى النار ؛ فإنّ لها القيّومية والتأثير بالنسبة إلى آثارها ، وإذا تعلّقت بالهواء لم يكن لها ظهور أبدا ؛ لأنّه فرع الإنية ، والهواء لكمال صفاته قد شابه النار ، فلا فرق بينهما ، كما قال الشاعر رحمه الله الشاعر صاحب بن عبّاد ، كما في ديوانه (ص ۱۷۶) وفي غالب مصادر ترجمته ، انظر : سير أعلام النبلاء ، ج ۱۶ ، ص ۵۱۳ ، رقم ۳۷۷ ؛ يتيمة الدهر ، ج ۳ ، ص ۲۹۵ ؛ وفيات الأعيان ، ج ۱ ، ص ۲۳۰ ؛ نهاية الإرب ، ج ۷ ، ص ۴۴ ؛ البداية والنهاية ، ج ۱۱ ، ص ۳۱۶ ؛ شذرات الذهب ، ج ۳ ، ص ۱۱۵ ؛ وفيات الأعيان ، ج ۱ ، ص ۲۰۸ . وأورده أيضا الشيخ البهائي في كشكوله ، ج ۲ ، ص ۱۹۸ .

6.المثبت من «أ» ، وفي ج : فالكرسي في طائف .

صفحه از 543