القلوب أنّه قال :
إنّ الحيّات والعقارب بل والنيران الّتي تظهر من القبر والقيامة هي بعينها الأعمال القبيحة والأخلاق الذميمة والعقائد الباطلة الّتي ظهرت في هذه النشأة بهذه الصورة وتجلببت بهذه الجلابيب ، كما أنّ الرَّوح والرَّيحان والحور والثمار هي الأخلاق الزكيّة والأعمال الصالحة والاعتقادات الحقّة الّتي برزت في هذا العالم بهذا الزيّ وتسمَّت بهذا الاسمْ ؛ إذ الحقيقة الواحدة تختلف صورها باختلاف الأماكن ، فتحلّى في كلّ موطن بحلية ، وتزيّى في كلّ نشأة بزيّ ... إلى آخر ما قال . ۱
وقد ذهب صاحب العرشية أيضا في تجسّم الأعمال إلى هذا المقال فقال ما حاصله :
إنّ الماهيّة الواحدة تتصوّر بصور مختلفة بحسب المواطن ؛ ألا ترى أنّ صورة الجسم الرَّطب يؤثّر في الجسم القابل للرطوبة أثرا ، وفي مادّة القوّة الحسيّة أو الخياليّة أثرا آخر ، وفي القوّة العاقلة أثرا ثالثا ؟ فقد حصلت ماهيّة الرطوبة الانفعاليّة في المواضع الثلاثة ، إلّا أنّها في الأوّل هي سهولة التشكّل مثلاً ، وفي الثاني قلّة الشعور والإحساس ، وفي الثالث البلادة والغباوة ، وكذا الغضب الّذي هو كيفيّة نفسانيّة ؛ فإنّه إذا ظهر في مقام الجسم يورث احمرار الوجه وانتفاح البشرة ، وربما يؤدّي عند اشتداده إلى المرض الشديد بل إلى الهلاك ، فلا عجب من أن يلزمه في نشأة اُخرى أن تنقلب نارا محرقة ، وكذا العلم فإنّه كيفيّة نفسانيّة إذا وجدت في الخارج صارت عينا تسمّى سلسبيلاً ، وكذا حبّ الدنيا وشهواتها أعراض نفسانيّة هنا وفي الآخرة تصير حيّات وعقارب ، وهكذا جميع الصور المجسّمة الموجودة في الآخرة حاصلة من ملكات النفوس وأخلاقها واعتقاداتها ونيّاتها الراسخة من تكرار الأعمال في الدنيا ، انتهى محصّل كلامه . ۲
ولكنّه جعل مادّة تجسّم الأعمال النفس الإنسانيّة ، قال :
وكما أنّ الهيولى هاهنا مادّة تكوّن الأجسام والصور المقداريّة وهي لا مقدار لها في ذاتها ، فكذا النفس الآدميّة مادة تكوّن الموجودات المقدّرة المصوّرة الاُخرويّة ، وهي في ذاتها أمرٌ روحاني لا مقدار لها .
1.بحار الأنوار ، ج ۷ ، ص ۲۲۸ ـ ۲۲۹ .
2.العرشيّة ، ص ۲۸۲ .