جهود أهل البيت (ع) في الحفاظ علي السنّة الشريفة - صفحه 63

السنّة الشريفة وحيٌ منزلٌ:

عن حسّان بن عطيّة قال: كان جبريل عليه السلام ينزل على رسول الله صلى الله عليه وآله بالسنّة كما ينزل عليه بالقرآن ، ويعلّمه كما يعلّمه القرآن. ۱
وقال ابن حزم: «لمّا بيّنا أنَّ القرآن هو الأصل المرجوع اليه في الشرائع ، نظرنا فيه ، فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وآله  ، ووجدناه عزّ وجلَّ يقول فيه واصفاً لرسول الله صلى الله عليه وآله : وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى۲
فصحَّ لنا بذلك: أنَّ الوحي ينقسم من اللهِ عزّ وجلَّ إلى رسوله على قسمين:
أحدهما: وحيٌ متلُوٌ ، مؤلّفٌ تأليفاً معجزَ النظام ، وهو القرآن.
والثاني: وحيٌ مروِيّ ، منقولٌ ، غير مؤلّف ، ولا معجزِ النظام ولا متلوٍّ ، ولكنّه مقروءٌ ، هو الخبر الوارد من رسول الله صلى الله عليه وآله وهو المبيّن عن الله عزّ وجلَّ مراده». ۳
ومنه يتضح: أنَّ أيَّ تفريط أو تهاون في حفظ السنّة ، هو في الواقع تفريط في هذا المصدر المبيّن لمفاهيم الكتاب ، وللكثير من الأحكام التي لم ينصّ عليها في آيات الكتاب ، و ذلك التفريط محقٌ لأصل الدين الحنيف ، وتضييع لأحكامه وتعاليمه.
ولأجل ذلك قاوم أهل البيت عليهم السلام بإصرار المحاولات التي جرتْ في حياة النبي صلى الله عليه وآله وبعد وفاته ، بهدف إلغاء السنّة وتضييعها تحت شعار (حسبُنا كتابُ الله) ووقفوا موقف المعارضة من تلك المحاولات التي تمثّلت في إحراق ما هو مكتوب من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وفي المنع عن رواية الحديث وتدوينه ۴ .

1.(المراسيل) أبو داود السجستاني ص۲۴۹ ، الحديث رقم ۲ .

2.سورة النجم ۵۳: ۳ ـ ۴.

3.(الإحكام في أصول الأحكام) ابن حزم الأندلسي ۱/۹۳ .

4.اقرأ تفصيلاً عن تلك المحاولات والردّ عليها في كتاب (تدوين السنّة الشريفة) للسيّد الجلاليّ .

صفحه از 100