ضرورة النقد العلميّ في مجال تحقيق التراث - صفحه 239

نجد الزخم الذي ينشر من الكتب التراثية ، وبالتحقيقات الهزيلة ، ممّا يندى له جبين العلم ، ويجعل الحديث عن ذلك ، والتفصيل عن مآسيه ، موجباً للنفرة والتقزّز .
مع أن هذا لا يعني الإطلاق؛
ففي الوقت والآخر نجد عملاً جيّداً فخماً وبأيدٍ أمينة من فطاحل العلم والقلم ، يُضي ء الفضاء العلمي والتراثي ، ويثلج الصدر ، ويحيي الأمل في القلوب ، وكذلك نجد في المحقّقين الناشئين تطلُّعاً إلى الانقطاع إلى هذا الفنّ الذي أصبح ـ لتطفّل الجهلة عليه ـ مظلوماً ومُهاناً .
فنحن ندعو المخلصين لهذا التراث وهذا الدين وهذه الحضارة ، أن لا يتهاونوا في هذا العمل ، ويلتفتوا إلى «صعوبة المهمة وخطورة الهفوات» .
وليعلم الإخوة أنّ هذا الفنّ ـ ككلّ عملٍ وفنٍّ وصنعةٍ ـ بحاجةٍ إلى مُرْشِدٍ يقوم بإراء ة الخطوات الاُولى والإرشادات العامّة والخاصّة ، وأنّ الأمر أعزُّ وأخطر وأصعب من الدخول فيه بغير عُدّة واستعداد .
ولم نجد في التصدّي لما يصدر من الأعمال الهزيلة ، فائدةً علميّة ، ولا عمليّة ، ولعدم تفرّغنا لذلك ، مع ما في مثل ذلك من تحسّس العاملين والناشرين ، ممّا نبرّئ أنفسنا ونيّاتنا منه ، فالله يعلم أنّا لا نقصد من عرض ما نقوله إلّا الحقّ وخدمة مصادر الدين ، وإرشاد مَنْ يعمل في هذا المضمار المقدّس .
إلّا أنّا لمّا نقف على أعمال تمسُّ النصوص المقدّسة ، الداخلة في إطار القرآن وعلومه ، أو الحديث وعلومه ، فإنّا لا تأخذنا في ذلك لومة لائم ، فذلك أعزّ علينا من المؤاخذات والعتاب .
فنرجو أن ينتبه لهذا أصحاب الأعمال المعروضة في هذا الباب (باب النقد العلمي) الذي لم نفتحه ـ منذ العدد الأوّل ـ ونحن نفتقده ، والعلم والعلماء بحاجةٍ

صفحه از 239