المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 111

[ كلمات أبى سليمان الخطابي في تفسير أحاديث النبوية ]

وأذكر عقيب بيانه وبيان تفسير الصوفية حقائق الحديث تفسير قول أبي سليمان الخطّابي رحمة اللّه عليه ۱ بعض مجملات الحديث الّتي قد اختصّ كشفها له ؛ ليكون حجّة لما ذكرنا في الحديث من حقائق تفسيره ، لأنّه كان في زمانه اعلم الناس بتفسير حديث رسول اللّه صلى الله عليه و سلم حتّى قيل سخّر الحديث لأبي سليمان كما سخّر الحديد لا ?ي سليمان يعني داود عليه السلام .

۳۴۸.قال رحمه الله في قوله صلى الله عليه و سلم :إنّما الأعمال بالنيات ، وإنّما لكلّ امرء ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى اللّه وإلى رسوله فهجرته إلى اللّه وإلى رسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصلبها أو امرأة يتزوّجها فهجرته ما هاجر إليه . ۲
هذا الحديث أصل كبير من أصول الدين ، ويدخل في أحكام كثيرة .
ومعنى النيّة قصدك الشيء بقلبك وتحرّي الطلب منك له . وقيل : هي عزيمة القلب .
قال : وقوله : « إنّما الأعمال بالنيات » لم يرد به أعيان الأعمال ؛ لأنّها حاصلة حسّاً وعياناً بغير نيّةٍ ، وإنّما معناه أنّ صحّة أحكام الأعمال في حقّ الدين إنّما يقع بالنيّة ، وإنّما النيات هي الفاصلة بين ما يصحّ منها وبين ما لا يصحّ .
وكلمة « إنّما » عامله تركيبها إيجاباً ونفياً ، فهي تثبت الشيء وتنفي /101/ ما عداه .
فدلالتها أنّ العبادة إذا صَحِبتها النيّة صحّت ، وإذا لم تصحبها لم تصحّ ، ومقتضى حقّ العموم منها يوجب أن لا يصحّ [ عمل ]عامل من الأعمال الدينيّة أقوالها وأفعالها

1.أبو سليمان أحمد بن محمّد بن إبراهيم بن خطّاب البستي ( المتوفى ۳۳۸ق ) المشتهر بالخطّابي ، صنّف كتاب معالم السنن في شرح سنن أبي داود ، وأعلام السنن في شرح صحيح البخاري ، ونقل المصنّف هذا المطالب من الكتابين كما صرّح به أوّل الكتاب .

2.دعائم الإسلام ، ج۱ ، ص۴ ؛ مستدرك الوسائل ، ج۱ ، ص۹۰ ؛ صحيح البخاري ، ج۱ ، ص۲ ؛ سنن ابن ماجه ، ج۲ ، ص۱۴۱۳ ؛ السنن الكبرى ، ج۷ ، ص۳۴۱ .

صفحه از 143