والنفس المطمئنّة في القلب والقلب موضعها ، يربّيها اللّه في بيت القلب . فالنفس الحيوانيّة الّتي مادّتها دم القلب ، والقلب يشرب الدم الصافي من فم النياط ، والنياط بحر العروق ، فإذا انسدّ مزاح القلب انسدّ أفواه العروق فتهلك النفس ، فإذا هلكت النفس الحيوانيّة ترحل الروح الروحانيّة من مساكن الإنسانيّة . ومن هذا الحديث علمنا أنّ النفس غير القلب ، والقلب مكان النفس ، بخلاف بعض الناس .
۲۳۷.وقال صلى الله عليه و سلم :يقول اللّه عز و جل : يا محمّد ، كسوتُ حُسنَ وجه يوسف من نور الكرسيّ ، وكسوتُ نور وجهك من نور عرشي . ۱
إنّ اللّه تعالى تجلّى للكرسيّ من نور صفاته ، وتجلّى للعرش من نور ذاته ، فتنوّر الكرسيّ بنور الصفات ، وتنوّر العرش بنور الذات وقد ذكر اللّه تعالى ورسوله ما يدلّ على هذا المعنى . قال تعالى : « الرحمن على العرش استوى »۲ بَرَزَ نور ذاته له وغلب عليه . الكرسيّ موضع القدمين ۳ جلالين من نعوت القدم والبقاء ، ثمّ تجلّى من العرش إلى وجه محمّد صلى الله عليه و سلم ، وتجلّى من الكرسيّ لوجه يوسف ، ولولا تجلاهما بهذين الوسيلتين ليضيئان في الدنيا بنور الذات والصفات كالعرش والكرسيّ فوق السماوات ، ولا يطيق الخلق أن ينظروا إلى وجههما ، ونور العرش تخصيص في جمال سيّد المرسلين ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ وتفضيل على يوسف عليه السلام حين سئل عنه صلى الله عليه و آله وسلم : أنت أحسن أم يوسف ؟ قال صلى الله عليه و آله وسلم : أنا أملح من يوسف .
۲۳۸.ومثل هذا قال عليه الصلاة والسلام :خلق اللّه الحنطة من نور ذاته ، والشعير من نور صفاته . ۴
1.تاريخ بغداد ، ج۳ ، ص۵۸ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ج۳ ، ص۲۹۹ ، مع اختلاف يسير ؛ تذكرة الموضوعات ، ج۱ ، ص۲۹۱ .
2.طه ، الآية ۵ .
3.شرح اُصول الكافي ، ص۳۱۳ ؛ البداية والنهاية ، ج۱ ، ص۱۴ .
4.تاريخ مدينة دمشق ، ج۵۲ ، ص۲۹۴ ، مع اختلاف .