المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 105

فيكون الغالب على لسانه فأهتره ، وغشي قلبه فأسكره ، وذلك إذا اشتملت على القلوب بأحكام إتلافه بغلبة القهر بما يبدوا عليها ، فيحيط بها قهراً ، واللّه أعلم .

۳۴۳.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم لمّا أراد أن يعطي الراية إلى عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، فقال :اللّهمّ قهه الحرّ والبرد وعذاب القبر . ۱
فقال عليٌّ كرّم اللّه وجهه : ما وجدتُ حرّاً ولا برداً .
احتمل أن يكون ألبس اللّه قلبه حالة شغله بها عن إحساس الجبلة من الحرّ والبرد إذا كان قيام الأجسام بالقلوب ، فإذا اشتغلت القلوب بحال من الأحوال ارتفع أحكام النفوس بما كسبت القلوب من رؤية ما تجلّى لها من المنظور ، كقوله عز و جل : « فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ » .۲ فلم يشعرن بالألم لما حلّ بأيديهنّ من القطع عند ما ظهرت من رؤية يوسف عليه السلام .
كذلك إذا بدت على الأسرار واردٌ فغمرها وتحكّمت فيها ارتفعت أحكام النفوس على موضع جبلّتها للحادث الوارد ، وهذا في تعارف الناس موجود معروف ، وذلك أنّه قد ترد مصيبة أو فرح نعمةٍ فيذهل عن أفعال يأتي في الحال ؛ لقوّة غلبة ما يغشاه /98/ من الحالين ، واللّه أعلم .
واحتمل حاله أنّ اللّه عز و جل منع الحرّ والبرد عن التحكّم في جسمه ؛ إذ هما خلقان للّه تعالى ، وصرفه عنه وألبسه ما شاء على مقدار ما أراده لذلك .

۳۴۴.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :إنّ اللّه لا ينام ولا ينبغي له أن ينام ، يرفع القسط ويخفضه ۳ ، يرفع اللّه عمل الليل بالنهار وعمل النهار بالليل ، حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه

1.مناقب أمير المؤمنين عليه السلام للكوفي ، ج۲ ، ص۴۹۷ ؛ المصنف ، ج۷ ، ص۴۹۷ ؛ بحار الأنوار ج۲۱ ، ص۵ ، وج۴۱ ، ص۲۸۲ .

2.سورة يوسف ، الآية ۳۱ .

3.في النسخة كذا ، والظاهر بقرينة السابق الأولى : « يخفض الظلم » .

صفحه از 143