المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 106

بصَره من خلقه . ۱
احتمل قوله : كلّ شيء أدركه بصره ، والحجاب من الأشياء المذكورة ، ولكنه مؤيّد بتأييده ، ومثبت بلطائف ماكنى الحجاب من أنواره بالتخصيص ، فجعله اللّه مخصوصاً بتثبيت الحقّ إيّاه لموضعٍ وإثباته لرؤيته ، واللّه أعلم .
نعم ما قال فيه رضى الله عنه : في هذا الحديث مجموع إشارات التوحيد وحقائق التنزيه والتقديس يرفع علل الحدث عن جناب القدم ويتبيّن اطّلاعه تعالى على أحكام كلّ ذرّةٍ في جريانها بعلم القدم ، يطلب برعايته القديم ، مراقبة قلوب الخالصة نبعث التنبّه في التوحيد حين ينظر إلى أعمال عباده في الليل والنهار بوصف الردّ والقبول ، وهو منزّه من الاحتجاب بشيء من الحدثان . احتجب بنفسه عن إحاطة الأبصار وإشارات النواظر ، لا بشيء دونه ، النور صفاته ، ولا يضاهي نوره بأنوار المحدثات ، لو أبرز ذرّةً من عظيم جلال نوره فاحترقت العيون في سبحات عزّته . هذا إذا كان يتجلّى بنور العظمة ، فإن تجلّى بجماله يكسي الأبصار نوراً من أنواره حتّى توقّه بعد تنبيهه إيّاها بدله جلّ وعزّ .

۳۴۵.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :لابن مسعود : « اقرأ عليّ » قال : أقرأ عليك وعليك اُنزل ! قال : إنّي اُحبّ أن أسمعه من غيري . ۲
قال فقرأت عليه حتّى بلغتُ : « فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هؤُلاَءِ شَهِيداً »۳ غامزني غامز ورفعت فإذاً عيناه تهملان .
فاحتمل هذا الحديث أوجهاً مختلفة فأدلّ ذلك : في قوله صلى الله عليه و سلم : « إنّي اُحبّ أن أسمعه من غيري » إشارة منه على خفي الإضمار منه إلى الحقّ أن يكون ـ عليه الصلاة والسلام ـ

1.مسند أحمد ، ج۴ ، ص۳۹۵ ـ ۴۰۵ ؛ صحيح مسلم ، ج۱ ، ص۱۱۱ ـ ۱۱۲ ؛ سنن ابن ماجه ، ج۱ ، ص۷۰ ؛ الدر المنثور ، ج۵ ، ص۱۰۲ .

2.مسند أحمد ، ج۱ ، ص۳۸۰ ؛ كنزالعمال ، ج۱۳ ، ص۴۶۵ ؛ سنن أبي داود ، ج۲ ، ص۱۸۱ .

3.سورة النساء ، الآية ۴۱ .

صفحه از 143