المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 110

۳۴۷.قال في قوله صلى الله عليه و سلم :سبعة يظلّهم اللّه في ظلّه يوم لا ظلّ إلاّ ظلّه ، فذكر الحديث إلى قوله : ورجل ذكر اللّه خالياً ففاضت عيناه . ۱
إنّ هذه الخلوة ينقسم على أوجه :
أحدها : خلوة القلوب من الهموم ، وانفرادها بالذكر بصفا ما ألبسها المذكور من ذكره بصفا كلّ مذكور سواه ، فذكر اللّه بتعظيمه /101/ ، وإجلاله ، فألبسه الخوف والوجل فأبكاه ، أو ذكره بما أبدع عليه من أياديه وما غمره من إحسانه ، فشاهد نفسه بغير الاستحقاق فأبكاه ، أو ذكره لما ألبس عليه من ستره وما نشر له من فضله فأبكاه ، أو ذكره على سالف ما اجترحت يداه من كثرة ذنوبه وأجرامه فأبكاه ، أو ذكره لما لا يأمن من مكره وما انفرد من حكمته في شأن خلقه فأبكاه ، أو ذكره على ما سبق لهم عنده وبما ذا يختم له فأبكاه ، أو ذكره فيما ذكره الحقّ باختياره وما خصّه من ذكره وأنّه جعله أهلاً لذلك فاستطارت قلبه فرحاً فأبكاه ، أو ذكره لأنّه أحبّ الحقُّ أن يبكي له فالتمس محبّته فأبكاه ، أو ذكره لأنّه مدح الباكين لما تجلّى له منه أنّه أهل أن يبكي منه فأبكاه .
والقسم الثاني : من قوله : ذكر اللّه خالياً ففاضت عيناه ، إنّ الخلوة أراد به صلى الله عليه و سلمالاعتزال عن رؤية الخلق وانقطاع مصاحبتهم عند انفراد العبد بحاله بحيث لا يلحقه أعين الناظرين ، فاجتمع له الحالان ؛ ذكر اللّه على خلوة القلوب من كلّ مذكور سواه واخلاء الأشخاص عن ملاحظة الأبصار المنفوذة فيه وأشجانه في خلواته ، واللّه أعلم .
ذكرتُ ما وجدت من تفسير شيخنا وسيّدنا أبي عبداللّه بن خفيف قدس سره بعض الأحاديث النبوية ، وانفرد به من تفسير حقائقها وكشف معانيها بعبادة شافية واشارة كافية .

1.الخصال ، ص۳۴۳ ؛ وسائل الشيعة ، ج۶ ، ص۲۷۷ ؛ صحيح البخاري ، ج۱ ، ص۱۶۱ ؛ صحيح مسلم ، ج۳ ، ص۹۳ ؛ مستدرك الوسائل ، ج۱۱ ، ص۲۳۸ ؛ السنن الكبرى ، ج۱۰ ، ص۸۷ .

صفحه از 143