المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 112

إلاّ بنيّةٍ دخل فيه التوحيد الّذي هو أعمال رأس الدين ، فلا يصحّ القول بالتوحيد إلاّ بمعرفة وقصد إخلاص فيه ، وكذلك سائر أعمال الدين من الصلاة والزكاة والصيام والوضوء .
وقوله : « إنّما لكلّ امرءٍ مانوى » تفصيل لبيان ما تقدّم ذكره وتأكيدٌ له ، وفيه معنىً خاصّ لايستفاد من الفصل الأوّل ، وهو إيجاب تعيين النيّة للعمل الّذي يباشره .
وقوله : «فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله» ، معناه أنّ من قَصَدَ بالهجرة قصد القربة إلى اللّه عز و جل لا يخلطها بشيء من الدنيا وطلب إرب من ارابها ، «فهجرته إلى اللّه ورسوله» ، أي : فهجرته مقبولة عنداللّه وعند رسوله ، وأجره واقع على اللّه عز و جل ، «ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» ، يريد أنّ حظّه من هجرته هو ما قصد من دنياه ولا حظَّ له في الآخرة .
ومرويٌّ أنّ هذا إنّما جاء في رجل يخطب امرأةً بمكّة فهاجرت إلى المدينة ، فتبعها الرجل رغبة في نكاحها ، فقيل له « مهاجر أمّ قيس » .

۳۴۹.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :الإيمان بضع وسبعون شعبة ، أفضلها شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان . ۱
إنّ الإيمان يتشعب إلى أمور ذات عددٍ جماعُها الطاعة ، وإنّ إيماننا يحق ما كلّفناه من ذلك صحيح ، والعلم به حاصل ، والجهل معه مرفوع ، وذلك أنّه قد نصّ على أعلى الإيمان وأدناه باسم أعلى الطاعات وأدناها .

۳۵۰.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُون مِنْ لِسَانِه ويَدِهِ ، والمهاجِرُ مَنْ هجر مَا نَهىَ اللّهُ عَنْهُ . ۲
إنّه يريد أنّ المسلم الممدوح هو من كانت هذا صفته ، وليس ذلك على معنى أنّ

1.مسند أحمد ، ج۲ ، ص۴۱۴ ؛ صحيح مسلم ، ج۱ ، ص۴۶ ؛ سنن ابن ماجه ج۱ ، ص۲۲ .

2.مسند أحمد ، ج۲ ، ص۱۹۲ .

صفحه از 143