المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 121

خال من النيّة . كما قال عز و جل : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَ لْفِ شَهْرٍ »۱ أي من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر ؛ لأنّ الشيء لا يكون خيراً من نفسه ومِن عدّة أمثاله معه .
وقد قيل : إنّ الاستغناء عن الطعام صفة اللّه تبارك وتعالى ؛ فإنّه يُطعِم ولا يطعَم . كأنّه قال : الصائم إنّما يتقرّب إليّ بأمر هو متعلّق بصفة من صفاتي ، وهذا على معنى تشبيه الشيء بالشيء في بعض معانيه وإن كان لا يجوز أن يكون للّه شريك في كنه صفاته ، كما لا شريك له في ذاته عز و جل .
وقوله : « أنا أجزي به » معلوم أنّ اللّه تعالى هو الّذي يجزي بالأعمال الصالحة دون غيره ، والمعنى مضاعفة الجزاء من غير عدد ولا حساب . كما قال عز و جل : « إِنَّمَا يُوَفَّي الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ » ،۲ وقد سمّي عليه الصلوة والسلام « الصوم صبراً » ، وسمّي « رمضان شهر الصبر » وقوله على أثره : « والحسنة بعشر أمثالها » إنّما عقّبه به إعلاماً أنّ الصوم /108/ مستثنى من هذا الحكم ، وإنّما هو في سائر الطاعات عموماً ، دون الصوم المخصوص بهذا الحكم .

۳۶۱.و[ قال ] في قوله :للصائم فرحتان ، إذا أفطر فرح ۳ . [ الحديث ] .
يحتمل أن يكون فرحه عند الإفطار سروراً بما وُفّق له من تمام الصوم الموعود عليه الثواب الجزيل ، ويحتمل أن يكون فرحه بالطعام إذا بلغ منه الجوع ليأخذ منه النفس حاجتها ، واللّه أعلم .

۳۶۲.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :إنّ للّه تسعة وتسعين اسماً ، مئة إلاّ واحدة ، مَن أحصاها دخل الجنّة . ۴
الإحصاء في هذا يحتمل وجوهاً : أظهرها العدّ لها حتّى يستوفيها . يريد أنّه

1.سورة القدر ، الآية ۳ .

2.سورة الزمر ، الآية ۱۰ .

3.سنن النسائي ، ج۴ ، ص۱۶۲ ؛ الدر المنثور ، ج۱ ، ص۱۷۹ .

4.مجمع البيان ، ج۴ ، ص۳ ؛ شرح نهج البلاغة ، ج۱ ، ص۱۳۷ ؛ الصافي ، ج۳ ، ص۳۰۰ ؛ بحارالأنوار ، ج۶ ، ص۲۱۹ .

صفحه از 143