المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 122

لا يقتصر على بعضها لكن يدعو اللّه بها كلّها ، أو يثني على اللّه بجميعها ، فيستوجب بذلك الموعود عليها من الثواب . والوجه الآخر أنّ معنى الإحصاء فيها الإطاقة . قال اللّه تعالى : « عَلِمَ أَن لَن تُحْصُوهُ »۱ أي : لن تطيقوا أن تبلغوا كنه الاستقامة ، ولكن اجتهدوا في ذلك مبلغ الوسع .
والمعنى أنّ من أطاق القيام بحقّ هذه الأسماء والعمل بمقتضاها ، وهو أن يعتبر معانيها فيلزم نفسه مواجبها ، فإذا قال : « الرزّاق » وثق بالرزق ، ورجاء رحمته إذا قال : « الرحيم » ، ومغفرته إذا قال : «الغفّار» ، ويعلم أنّ الخير والشرّ منه لا شريك له إذا قال : « الضارّ النافع » ، وعلى هذا المثال في سائر الأسماء .
وفيه وجه ثالث وهو أن يكون معناه من عقلها وأحاط علماً بمعانيها ، من قول العرب : « فلان ذو حصاة » أي ذو عقل ومعرفة .
ذكر ثلاثة أوجه ، صرّح مباني حقائق الولاية في شرف الذكر عند بروز صفات المذكور في قلب الذاكر ؛ أوّلها استعمال اللفظ في إحصاء الأسماء بنعت وجدان لذّتها إذ قال «أحد» توحّد عن كلّ شيء دون الموحّد ، حتّى باشر نور الوحدانية في جميع أعضائه ممّا وجد لسانه من حلاوة صورة الذكر ، والثاني درجة الاتّصاف بالأسماء والتطرّق من الأسماء إلى الصفات بنعتِ تحصيل حقائقها في القلب ، والثالث إدراك بعد حقائقها إذا انكشف معناها بوصف تجلّي الصفات والذات حتّى صار عارفاً بما برز له من الأفعال والأسماء والنعوت ، فإذا كان بهذه الصفات دخل جنان مشاهدة جلال الحقّ .

۳۶۳.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :الأرواح جنود مجنّدة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف . ۲

1.سورة المزمل ، الآية ۲۰ .

2.التحفة السنية ، ص۸۴ ؛ الكافي ، ج۲ ، ص۱۶۸ ؛ من لا يحضره الفقيه ، ج۴ ، ص۳۸۰ ؛ مسند أحمد ، ج۲ ، ص۲۹۵ ؛ صحيح البخاري ، ج۴ ، ص۱۰۴ .

صفحه از 143