المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 124

طلب زيادة العلم واستفادة معرفة كيفيّة الإحياء في الوجهين حاصلٌ ، والشكّ مرفوع .
وقد قيل : إنّما طلب الإيمان بذلك حسّاً وعياناً لأنّه فوق ما كان عليه الاستدلال ، والمستدلّ لا يزول عنه الوسواس والخواطر ، وقد قال عليه السلام : ليس الخبر كالمعاينة .
وقوله : [ لو لبثت في السجن طول ] ما لبث يوسف لأجبت الداعي » يريد قوله : « ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسْأَلْهُ »۱ فلم يسرع الإجابة إلى الخروج حين أذن له في ذلك ؛ لئلاّ يكون سبيله كسبيل المذنب يمنّ عليه بالعفو ، وأراد أن يقيم الحجّة عليهم في حبسهم إيّاه ظلماً .
وأراد ـ عليه الصلاة ـ تفضيله بذلك والثناء عليه بحسن الصبر وقوّة العزم ، والتواضع لا يصغر كبيراً ، ولا يضع رفيعاً ، ولا يبطل لذي حقٍّ حقّاً ، ولكنّه يوجب لصاحبه فضلاً ، ويكسبه جمالاً وقدراً .

۳۶۵.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خيرٌ من يونس بن متى . ۲
يريد : ليس لعبد أن يفضّل نفسه على يونس .
ويحتمل أن يكون أراد : لا ينبغي لأحدٍ أن يفضّلني عليه ، وإنّما خصّ يونس لأنّ اللّه عز و جللم يذكره في جملة « أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ » ،۳ وقال : « وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ » ،۴ وقال « وَذَا النُّونِ إذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى »۵ الآية ، فقصّر به عن مراتب أولو العزم والصبر من الرسل . يقول صلى الله عليه و سلم : إذا لم آذنْ لكم أن تفضّلوني على يونس فلا يجوز لكم أن تفضّلوني على غيره من ذوي /110/ العزم من أجلّة الأنبياء عليهم السلام ، وهذا منه ـ عليه الصلوة والسلام ـ على مذهب التواضع أيضاً والهضم

1.كنز العمال ، ج۱۱ ، ص۴۸۴ ؛ مسند أحمد ، ج۲ ، ص۳۲۶ ؛ صحيح البخاري ، ج۴ ، ص۱۱۹ ؛ صحيح مسلم ، ج۱ ، ص۹۲ .

2.مسند أحمد ، ج۱ ، ص۳۴۲ ، وج۲ ، ص۴۰۵ ؛ صحيح البخاري ، ج۴ ، ص۱۲۵ ؛ صحيح مسلم ، ج۷ ، ص۱۰۳ .

3.سورة القلم ، الآية ۴۸ .

4.سورة الأحقاف ، الآية ۳۵ .

5.سورة الأنبياء ، الآية ۸۷ .

صفحه از 143