المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 125

من النفس ، وليس بمخالف لقوله صلى الله عليه و سلم : أنا سيّد ولد آدم . ۱ إنّه لم يقل ذلك مفتخراً ولا متطاولاً به على الخلق ، إنّما قال ذلك ذكراً للنعمة ومعترفاً بالمنّة ، وأراد بالسادة ما يكرم به في القيامة من الشفاعة .

۳۶۶.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :اهتزّ العرش لموت سعيد بن معاذ . ۲
هذا يتأوّل على وجهين : أحدهما أراد أن يكون بالعرش السرير الّذي حمل عليه ، ومعنى الاهتزار الحركة والاضطراب ، فكان ذلك فضيلة له كما كان رجفان الجبل ، وحركته فضيلة لمن كان عليه ، وهو ما روي أنّه ـ عليه الصلوة والسلام ـ كان على حرا فتحرّك الجبل ، فقال : أثبت حرا ؛ فما عليك إلاّ نبيّ أو صدّيق أو شهيد . ۳
والوجه الآخر أن يكون المراد به عرش اللّه عز و جل ، والمراد به حملة العرش ومعنى الاهتزاز السرور والاستبشار ومنه اهتزاز النبات إذا حسن وأخضر وكذلك اهتزاز الأرض في قوله عز و جل : « فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ » .۴

۳۶۷.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :ما من مولد إلاّ يولد على الفطرة ، فأبواه يهوّدانه ۵ وينصّرانه أو يمجّسانه ، كما تنتج البهيمةُ بهيمةً جمعاء ، هل تحسّون فيها من جدعاء ثمّ يقول : « فِطْرَةَ اللّهَ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهَ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ » .۶
أصل الفطرة في اللغة ابتداء الخلقة ، ومن ذلك فطر ناب البعير إذا طلع أول ما نبت ، وقد ذهب قوم في معنى الفطرة المذكورة في الحديث إلى أنّ المراد به الدين ،

1.نص النصوص ، ص۴۶ ؛ منهج الصادقين ، ج۳ ، ص۲۰۰ ؛ أمالي المفيد ، ص۴۶ .

2.مسند أحمد ، ج۴ ، ص۳۵۲ ؛ صحيح البخاري ، ج۴ ، ص۲۲۷ ؛ مستدرك الحاكم ، ج۳ ، ص۲۰۷ ؛ كنز العمال ، ج۱۱ ، ص۶۸۶ ؛ معاني الأخبار ، ص۳۸۸ .

3.مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ، ج۹ ، ص۵۵ ؛ كنز العمال ، ج۱۳ ، ص۹۷ ؛ ( مع اختلاف ) .

4.سورة الحج ، الآية ۵ .

5.مسند أحمد ، ج۲ ، ص۳۱۵ ؛ صحيح مسلم ، ج۸ ، ص۵۴ .

6.سورة الروم ، الآية ۳۰ .

صفحه از 143