المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 126

واستدلّوا على ذلك ببيان ما استشهد له من الولاية حين تلاها عقب الحديث .
واستشهدوا على ذلك أيضاً بقوله : « كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسّون فيها من جدعاء » ، والجمعاء هي السليمة الّتي لا عيب فيها ولا نقص ، سمّيت بذلك لاجتماع السلامة لها في أعضائها لا جدع فيها ولا حرم حتّى يسلمها فيه أربابها ، ضرب البيهمة السليمة الخلقة أوّل ما ينتج ، مثلاً للمولود في سلامة فطرته من الشرك والإلحاد أوّل ما يولد حتّى ما يكون من ذلك بعد ، وهذا هو حقِّ الظاهر من لفظ الحديث ومعناه ، لولا أنّ أحاديث اُخر عارضته :
منها حديث أُبيّ بن كعب ، وهو حديث صحيح الإسناد ، قال : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و سلميقول في قوله تعالى : « وَأَمَّا الْغُلاَمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ »۱ وكان طبع يوم طبع كافرا . ۲
و[ منها ] حديث عائشة حين اُتي رسول اللّه صلى الله عليه و سلم بصبيٍ من الأنصار يصلّى عليه فقالت : طوبى لهذا ؛ لم يعمل سوءاً ولم يدْر به ؟ ! فقال صلى الله عليه و سلم : أوَ غير ذلك يا عائشة ؟ إنّ اللّه عز و جلخلق الجنّة وخلق لها أهلاً ، وخلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم . ۳
وحديثها الآخر قالت : قلتُ يا رسول اللّه ، ذراري المؤمنين ؟ فقال : « من آبائهم » . قلت : يا رسول اللّه ؛ بلا عمل ؟ قال : اللّه أعلم بما كانوا عاملين .
قلتُ : يا رسول اللّه ، ذراري المشركين ؟ قال : من آبائهم . قلت : بلا عمل ؟ قال : اللّه أعلم بما كانوا عاملين . ۴
فاحتيج من أجل ذلك في حديث أبي هريرة رضى الله عنه إلى التأويل والتخريج ؛ ليتّفق الأحاديث كلّها ولا يتضادّ و[ لا ]يختلف .

1.سورة الكهف ، الآية ۸۰ .

2.سنن أبي داود ، ج۲ ، ص۴۱۵ .

3.سنن أبي داود ، ج۲ ، ص۴۱۶ ؛ سنن النسائي ، ج۴ ، ص۵۷ ؛ تاريخ بغداد ج۱۱ ، ص۱۱۲ ؛ المصنف ، ج۱۱ ، ص۱۲۴ ؛ مسند أبي داود ، ۲۲۰ .

4.كنز العمال ، ج۸ ، ص۴۸ ؛ بحار الأنوار ، ج۵ ، ص۲۹۶ .

صفحه از 143