المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 128

إخبار عن سبائك النطف الّتي اُلقيت سليمة من علل الكفر مستعدّة مهيّاة للإيمان والإسلام في الأرحام ، حتّى بلغت كمال الزينة والولادة ، فحكمها في ذلك الوقت حكم وقوعها بنعت النطف بقبول الخير والشرّ من تأثير الصحبة ، وكما كانت مهيّاة في حكم الصورة للحسن والقبح ، فإن صحبتها السعادة الأزلية يكون بحكم آبائهم من المؤمنين ، وإن صحبتها الشقاوة القدمية يكون بحكم آبائهم من الكافرين ، فإن سبق لها حسن العناية يكون مربّاة في حجر المؤمنين ، وإن سبق لها حكم القهر تكون مغيّرة في مهاد الكافرين .
وما روت عائشة من معنى صبيّ الأنصارى فيه إشارة من قوله صلى الله عليه و سلم : إلى أنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ خلق في أصلاب المؤمنين من أهل النار خلقاً . وهم الّذين حكم اللّه بكفرهم في الأزل قبل وجودهم وإن يقعوا في حجر المؤمنين ، لكن هم فى ذلك الوقت على حكم ظاهر الإسلام غائبون عن سابق الحكم ، هم في تربية الإسلام حتّى يلحق بهم حكم القدر السابق لهم .
حكمه ـ عليهم الصلاة والسلام ـ في حديث أبي هريرة بظاهر الأمر ، وحكم في حديث عائشة بحكم المشيّة .

۳۶۸.وقال في قوله صلى الله عليه و سلم :احتجّ آدم وموسى ، فقال له موسى : أنت آدم الّذي أخرجتك خطيئتك من الجنّة قال له آدم أنت موسى الّذي اصطفاك اللّه برسالته وبكلامه ، ثمّ تلومني على أمر قُدّر عليّ قبل أن اُخلق ! فقال عليه الصلاة والسلام : فحجّ آدمُ موسى مرّتين . ۱
إنّما حجّه آدم في دفع اللؤم ؛ إذ ليس لأحد من الآدميين أن يلوم أحداً . وقد جاء في الحديث : انظروا إلى الناس كأنّكم عبيد ، ولا تنظروا إليهم كأنّكم أرباب . ۲

1.مسند أحمد ، ج۲ ، ص۲۶۴ و۳۱۴ و۳۹۲ ؛ صحيح البخاري ، ج۴ ، ص۱۳۱ ، وج۸ ، ص۲۰۳ ؛ الإيضاح ، ص۲۸ ، ( مع اختلاف يسير ) .

2.كتاب الموطأ ، ج۲ ، ص۹۸۶ ؛ « ولا تنظروا في ذنوب الناس كأنّكم أرباب ، وانظروا في ذنوبكم كأنّكم عبيد » .

صفحه از 143