المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 44

حقيقة المعرفة مقدّسة عن علل الطاعة والمعصية ، الرجاء من أوصاف المعرفة ، والقنوط من الجهل باللّه ، فإذا وقع الأصل لا يبالي بالفرع ، طاعة القانط [ سبب لِـ ] عقوبته إذا كان معها اليأس من رحمة اللّه عز و جل ، ومعصية الراجي سبب رجائه ؛ إذ لا يخلو من الخوف ، فإذا كان الخوف والرجاء مستقيمان فنحن لا نبالي بالامتحان ، فربّما يبلغ العبد /62/ إلى مراده ببعض المعصية ، إذا كانت مقرونة بالندم والخوف والتواضع ، وربّما يَسقط العابد من درجته بعجب عبادته ، كما قال عليه الصلوة والسلام : قال اللّه عز و جل : إنّ من عبادي المؤمنين من يريد باباً من العبادة فأكفّه عنه لأنْ لا يدخله عجبٌ فيفسد بذلك . ۱

۲۲۱.وقال صلى الله عليه و سلم :قال اللّه عز و جل : لا يسعني شيء ، ووسَعني قلبُ عبدي المؤمن ، إذ ألبستُه لبسةُ أحبابي ؛ هو بيت توحيدي وموضع سرّي الّذي أودعتُه تسعةً وتسعين رحمةً من رحمتي ، وتُرس رحمتي ، ووقاية يحفظها بالمراعات يخفى عليه . ۲
إنَّ اللّهَ تعالى اختار من الكون قلوب العارفين ليتجلّى جلاله وجماله ، فألبسها سناء قدسه ، ووسعها ببسط رحمته ، ورفعها إلى هواء أزليته ، ومكّنها باستواء صفاته عليها بنعت التجلّي ، فيكون أوسع من العرش والكرسيّ والسماوات إذا وُسعت بالحقّ لا بالغير ، فلمّا عرفت الحقّ حملت من أسراره ما لم يطق أن يحمله الكون قال تعالى : « فأبينَ أنْ يحملنها »۳ إذ الحملُ والحامل والمحمول هو لا غير .

۲۲۲.وقال صلى الله عليه و سلم :قال اللّه تعالى : الإخلاص سرٌّ من أسراري استودعتُه قلب مَن أحببتُ مِنْ

1.لم يوجد في المصادر .

2.عوالي اللئالي ، ج۴ ، ص۷ ؛ بحارالأنوار ، ج۵۵ ، ص۳۹ وفيه : «لا يسعني أرضي ولا سمائي ، ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن» ؛ تذكرة الموضوعات ، ص۳۰ .

3.سورة الأحزاب ، الآية ۷۲ : وتمام الآية المباركة : « إنّا عرضنَا الأمانَةَ على السمواتِ والأرضِ والجبالِ فأبينَ أن يحملنها وأشفقنَ منها وحَمَلَها الإنسان إنَّه كانَ ظَلُوماً جَهُولاً » .

صفحه از 143