أشار إلى عالم القبض والبسط ، بسط العارف مِن فَرَحِهِ باللّه ، وقبضه من غمّه للّه ، لو بقي في الفرح يطير في الملكوت ، ولو بقي في الغمّ يذوب في سبحات الجبروت ، ويبقى في تلك الحالتين عن مرسومات العبودية ، وإنّ اللّه تعالى بحكمته حبسه بين القبض والبسط حتّى يستوفي في سير باطنه حقائق جميع مقاماته ، فيعرف بأوصاف البسط ألطاف نعماء الحقّ ، ويعرف بنعوت القبض قهر امتحانه .
۲۳۱.وقال صلى الله عليه و سلم :المؤمن ينظر بنور اللّه الّذي خلق منه . ۱
بيّن أنَّ المؤمنَ نور اللّه في الأرض ، وخُلِقَ نوراً ، ويبصر بنور روحه الّذي هو سراج العقل اُمورَ الدنيا والآخرة .
۲۳۲.وقال صلى الله عليه و سلم :المؤمن يأكل في معاء واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء . ۲
المؤمن يأكل بعقل القلب ، والكافر يأكل بحرص النفس ، والمؤمن يأكل بالذكر ، والكافر بالغفلة ، فقوّة ذكر المؤمن يشبعه ، وغفلة الكافر يجيعه .
۲۳۳.وقال صلى الله عليه و سلم :المتعدّي في الصدقة كمانعها . ۳
يحتمل : أن يعطي جميع ماله بدفعة واحدة ، ولا يطيق أنْ يتصدّق بعد ذلك بشيء ، فيمنع الصدقة من هذه الجهة ؛ ويحتمل أن يكون : إذا دفع جميع ماله فيحتاج إلى الصدقة وأخذها ، فإذا أخذها منعها عن غيره .
ويمكن أنّه أراد ـ عليه الصلاة والسلام ـ أنّ المتعدّي الّذي لا يعطي زكاة ماله ـ فيتعدّى به من ذلك ـ وجب عليه النكرة فلا يعطيها إلى الفقراء .
ويحتمل : أن يكون المتعدّي هو عامل الصدقة وآخذها لأجل الفقراء ، فيجورُ على معطي الصدقة ، ويأخذ منه زيادة ممّا وجب عليه فيفسد إرادته ، فلا يعطي بعد
1.كنزالعمال ، ج۱ ، ص۱۶۵ .
2.الخصال ، ص۳۵۱ ؛ تنبيه الخواطر ، ص۱۰۱ ؛ شرح شهاب الأخبار ، ص۲۷ .
3.أخلاق محتشمي ، ص۷۷ ؛ مسند زيد بن علي ، ص۲۰۱ ؛ فقه القرآن ، القطب الراوندي ، ص۲۳۷ .