المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 57

۲۵۰.وقال صلى الله عليه و سلم :لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا . ۱
المؤمن يطير إلى اللّه بجناحي الخوف والرجاء ، ولو زاد واحد على الآخر لثقل حاله ، ولا يطيق أن يطير متمكّناً في مقامات الإيمان ، فخوفه من نار اللّه يمنع نفسه من عصيانه ، ورجاؤه إلى جنّة اللّه يهيّجه إلى طاعته ، وهذان المعنيان ـ الامتناع من المعصية والشروع في الطاعة ـ من كفّتي ميزان العبودية ، ولا يجوز أن يزيد أحدهما على الآخر في مقام الإيمان ؛ لأنّ الخوف إذا زاد على رجاء المؤمن أوقعه في القنوط ويتعطّل وجوده في مشقّة العبادات الكثيرة ، وإذا زاد رجاؤه على خوفه أوقعه في الأمن والجرأة ، ولا يفعل طاعة اللّه تعالى فيهلك .
فمن حكمة اللّه وتدبيره جعل خوف المؤمن ورجائه معتدلاً ؛ شفقةً ورحمةً عليه ، وهذا من وصف أهل الإيمان ، وليس من وصف العارفين ؛ فإنّ العارف تارةً في طوفان الخوف مذابٌ ، وتارةً في بحار الرجاء مستغرق ، وذلك من حقيقة معرفته بنعوت اللّه القديمة ، وإدراكه أحكام العظمة والكبرياء والجلال والجمال ، وخوفه من رؤية العظمة ، ورجائه من رؤية حسن العناية .
هذان المقامان يتعلّقان بزيادة الكشوف ونقصانه ، ألا ترى إلى حال سيّد العارفين ـ عليه الصلاة والسلام ـ إذا كان في رؤية العظمة والإجلال ؟ يقول : أنا أعرفكم باللّه وأخوفكم منه . ۲
أي أعرفكم بمكريات القدم وقهريات العزّة ، فزاد خوفي من خوفكم .
وإذا كان في مشاهدة جمال الأحدية وحسن الصفات منغمساً في بحار الاُنس يقول : « لستُ كأحدكم ، أبيت عند ربّي يطعمني ويسقيني » . ۳

1.منهج الصادقين ، ج۸ ، ص۷۹ ؛ أوصاف الأشراف ، ص۵۷ ؛ كشف الخفاء ، ج۲ ، ص۱۶۶ ؛ شرح الأسماء الحسنى ، ج۱ ، ص۵۶ .

2.كشف الخفاء ج۱ ، ص۲۰۰ .

3.المناقب لابن شهر آشوب ، ج۱ ، ص۱۸۴ ؛ عوالي اللئالي ، ج۲ ، ص۲۳۳ ؛ بحار الأنوار ، ج۱۶ ، ? ص۳۹۰ ؛ مسند أحمد بن حنبل ، ج۲ ، ص۲۳۷ .

صفحه از 143