وكشفه وعلمه وبيانه لا نهاية لها ، يبدو في كلّ لحظة من كلّ حرف منه ألف معنى لم تبد للقارئ والمستمع قطُّ ؛ لأنّه قديم ، والقديم لا نهاية /71/ لها .
والعارف إذا سمع القرآن من غيره فيكون حاله أصفى عند سمعه وإلقاء سمعه بنعت الحضور ؛ لأنّ في قراءته شغل القلب بحفظ الحروف ، وليس ذلك في جميع همّته وإفراد قلبه لخفي أسرار خطاب اللّه ، كأنّه يسمع من الحقّ في ساعته .
وكذا كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ في سماعه خطاب الحقّ ، فوقع سماعه على المواجهة مجرّداً عن شغل الخاطر لصورة القرآن ، فوجد صفاء السماع يشهى حلاوته في سماعه عن غيره فإنّ حلاوة الاُذن عند سماع الخطاب للمستمع العارف أكثر من حلاوة ذكره وتلاوته بنفسه وإنّ الذاكر بالذكر صافياً بالذكر والذكر مع شاهد المذكور بنعت الروية وصفاء مشاهدة الخطاب فيكون أحظى من الذاكر .
۲۵۵.وقال صلى الله عليه و سلم :لجبرئيل عليه السلام : ما لي لا أرى ميكائيل ضاحكاً ۱ ؟ فقال جبرئيل عليه السلام : ما ضَحِكَ منذ خَلَقَ اللّهُ النارَ .
بيّن أنّ قلّة الضحك من علامات الخوف ، والخائف لا يضمحلّ عند نزول عاهات الخوف في قلبه ؛ لأنّ الخوف من شدّة بَرحا الوعيد عند سماعه ، وذلك يورث الهموم والأحزان ، والقلب إذا امتلأ من الحزن لم يدخل عليه أثر الطرب ؛ لأنّ الضحك من العارف أكثره من وجدانه حسن الوعد والبكاء أكثره من حزن القلب .
كما قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ عند موت إبراهيم عليه السلام : يحزن القلب وتدمع العين ۲ ، بيّن أنّ الحزن إذا حلّ بالقلب أظهر البكاء من غير مكلّف ولا استجلاب .
۲۵۶.وقال صلى الله عليه و سلم :أكثر أهل الجنّة البُله ، وأهل العلّيين ذووا الألباب . ۳
1.تنبيه الخواطر ( مجموعة ورام ) ، ص۶۶ و۳۰۱ ، مع اختلاف يسير ؛ آداب النفس ، ج۱ ، ص۲۱۳ .
2.المعجم الكبير ، ج۸ ، ص۲۳۰ ؛ وسائل الشيعة ، ج۳ ، ص۲۸۰ ؛ من لا يحضره الفقيه ، ج۱ ، ص۱۷۷ .
3.ورد صدر الرواية في : الأمالي ، ج۱ ، ص۳۸ ؛ عوالي اللئالي ، ج۱ ، ص۷۱ ؛ بحار الأنوار ، ج۵ ، ص۱۲۸ ؛ العمدة ، ص۱۲۹ . وورد تمام الرواية في محجة البيضاء ج۵ ، ص۴۲ ، وفيه : « أكثر أهل الجنّة البله ، وعليّون لذوي الألباب » .