المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 61

البُله أهل السلامة في الطاعة ، الغائبون عن مداخلة الدنيا وأهلها ، المشغولون بسلامة صدورهم عن طلب العرفان بحقيقة العالم والسيران في الشواهد بنعت الشكر واستجلاب تحقيق الملك والملكوت . واُولوا الألباب هم العارفون الّذين يعقلون الخطاب ويطلبون حقائق العلوم بوصف اللّه وذاته وصفاته ونعوته وأفعاله ، البُلْه سكنوا بنعيم الجنّة وثواب الطاعة ، وأهل العقول لم ينزلوا إلاّ في حضرة الجبروت ومشاهدة المعروف .

۲۵۷.وقال صلى الله عليه و سلم :ربّ طاعم شاكر أعظم أجراً من صائم صابر ۱ .
الطاعم الشاكر في رؤية المشكور ، والصائم الصابر في رؤية البلاء والمجاهدة .
أكَلَ الشاكر بالمعرفة في زمان الاُلوهية ، ولم يأكل الصابر لوجدان ما وجد الشاكر ، وهو محجوب بالمجاهدة عن المشاهدة ؛ والصائم الصابر في مقام الزهد ، والطاعم الشاكر في مقام التوكّل ؛ والزهد من أعمال البدن ، والتوكّل من أعمال القلب ؛ والصابر في مقام الامتحان ، والشاكر في مشاهدة الرحمن ؛ الصابر يصوم عن المعلوم ، والشاكر ليس له معلوم إلاّ المشكور .

۲۵۸.وقال صلى الله عليه و سلم :لَمْ يقعْ عليه الذباب ، وليس لجسمه ظلٌّ يقع على الأرض . ۲
وهذان الخصلتان من خاصّية معجزاته صلى الله عليه و سلم /72/ لا يتعلّق بخاصّية ظاهر صورته ؛ قال تعالى : « قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ »۳ حقّق بهاتين المنزلتين من سائر الأنبياء والأولياء .
ويمكن أنَّ الذباب إذا لم يجلس عليه فإنّها تجلس على النجاسة ، وإنّ اللّه تعالى

1.كنز العمال ، ج۳ ، ص۲۵۵ .

2.المناقب لابن شهر آشوب ، ج۱ ، ص۱۰۹ ، وفيه : « ولم يجلس عليه الذباب ، ولم تدنُ منه هامة ولا سامة . . . » ؛ بحار الأنوار ، ج۱۶ ، ص۱۷۸ ؛ الشفاء بتعريف حقوق المصطفى ، ج۱ ص۳۶۸ .

3.سورة الكهف ، الآية ۱۱۰ .

صفحه از 143