المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 68

العبودية ، فبين فنائه بمشاهدة القدم والعجز عمّا وجب عليه من حقّه حصل ذنبه ، وذلك عينٌ لا ينكشف عن الحدوثية أبداً ، فلمّا رجع بقي في عينه ، فيستغفر كلّ يوم مئة مرّة من اتّقائه فيه ، ولذلك كان لا ينقطع من استغفاره في طول عمره .
وأيضاً إنّ من صفات الألوهية قهرُ القدم ، فكان يتعرّض له ذلك في زمان امتحانه فيوقعه في غيم النكرة ؛ استيفاءً لتجلّي جميع الصفات وتربيةً لجميع النعوت ، فإذا غاب بذلك وغان عليه غيبُ الامتحان ، تضرّع من غربته عن معشوقه في قفار الأزل ليخرجه من غيم التردّد ، فإذا ذهب نفخة الامتحان من ظهور القهر ، ووصل مشاهدة الصفات ، استغفر من لبثه فيما جرى عليه .
ألا ترى إذا كان في هذا المقام إلى قوله عليه الصلاة والسلام : نحن أولى بالشكّ من إبراهيم . ۱
ولا يخلو الأنبياء والمرسلون من هذه الخطرات ، انظر إلى قول الخليل عليه السلام : « أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى »۲ وما قال عزير صلوات اللّه وسلامه : « أَنَّى يُحْيِيْ هذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا »۳ ، وما قال موسى عليه السلام : متى أنت يا ربّ ؟ ۴ فكان استغفارهم من هذه الخواطر .
وأيضاً إذا كان عليه السلام في صفاء مشاهدة الصفات في عالم الالتباس والمتشابهات ممّا أخبر عن حاله بقوله : رأيت ربّي في أحسن صورة . ۵ كان ـ عليه الصلاة والسلام ـ في عين الأفعال من مكان العشق ، فإذا خرج إلى صحاري القدم ، وانسلخ من رسوم المحبّة ، وجد الحقّ بالحقّ فرداً عن صفات الالتباس ، استغفر في حقيقة التوحيد عند رؤية

1.قد مرّ توضيح الحديث في الرقم ۶۹ من القسم الأوّل .

2.سورة البقرة ، الآية ۲۶۰ .

3.سورة البقرة ، الآية ۲۵۹ .

4.لم يوجد في المصادر .

5.سنن الدارمي ، ج۲ ، ص۱۲۶ ؛ نص النصوص ، ص۲۰۴ و۴۱۶ و۴۴۱ . وفي عوالي اللئالي ، ج۱ ، ص۵۲ ؛ ومفاتيح الغيب ، ص۱۵۰ و۲۵۵ مع إضافة : « ليلة المعراج » .

صفحه از 143