المكنون في حقائق الكلم النبويّة (2) - صفحه 69

الفردانية ممّا جرى عليه من حكم عين الجمع .
وأيضاً إذا كان مشغولاً برسوم النبوّة توقّف عن سرّ التجرّد لحظةً ؛ لشغله باُمّته ، فإذا رُدّ إلى ما خُصّ به من علوّ مراتب الدنوّ استغفر في الربوبية من اشتغاله عنه بالعبودية .

[ تفسير معاني الإغانة من كلام المشايخ ]

اختصرتُ في هذه المعنى ممّا تعرّض لي في هذه الساعة ، واكتفيتُ بهذا القليل من كثير معناه ؛ دفعاً لملال خاطر صاحب المعرفة ؛ لأنّ هذا القدر يكفي له مِن أقصى غايات غوامض الإغانة ، ومقصودي من هذا الكتاب ۱ تفسير مسألة الإغانة ، فألحقت بها معاني أحاديث مرويّة من رموز النبوية و/76/ إشارات الأحمدي المحمّدي المصطفوي صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى جميع الأنبياء والرسل ، ثمّ قفّيتُها تفسير مشايخي مسألة الإغانة وما سنح لي من شرحهم بعض الأحاديث المشكلة عندهم ؛ تقويماً لكتابي هذا ، وختماً لفواتح ما ذكرت من فوائد ألفاظ سيّد المرسلين صلوات اللّه عليه .
سئل الجنيد ۲ رحمه الله عن معنى قوله عليه الصلاة والسلام : إنّه ليغان على قلبي ، وإنّي لأستغفر اللّه في اليوم مئة مرّة ، فسكت ساعةً فقال : لو لا أنّه حال النبيّ صلى الله عليه و سلملتكلّمتُ فيه ، ولا يتكلّم في حال إلاّ مَن كان مشرفاً عليها ، وجلّ حال النبيّ صلى الله عليه و سلممن أن يشرف عليه أحد من الخلق .
وقيل : كان حال النبيّ صلى الله عليه و سلم مع ربّه حال صفاء ، فإذا رُدّ إلى حال الإبلاغ ومشاهدة الخلق وَجَدَ إغانةً في سرّه وقلبه ، فيستغفر منه إلى أن يصل إلى صفائه .

1.قد ألّف المصنف كتاباً مستقلاً في تفسير الحديث وسمّاه « الإغانة » ، وهذا إشارة إليه .

2.أبو القاسم جنيد البغدادي ( م۲۹۷ق ) كان من كبار طائفة العرفان ومشايخهم ، راجع : نفحات الاُنس ص۷۹ .

صفحه از 143